يوميات العم “أبو سامي” (7)

يوميات العم أبو سامي (7)

بقلم الأستاذ : عبد المجيد إسماعيل

 

دير الزور كانت محاطة بـمئات “الحوايج” ذات الأشجار الكثيرة، وكان الحطابة من أهالي الدير يقطعون الأشجار من هذه الحوايج ويقومون بتجفيف أعمدة الغرب لمدة أربعين يوماً، ثم يجمعونها مصفوفة على شكل “أطواف”، تسير بنهر الفرات، وكانت تربط “عمدان” الغَرب بأغصان هذه الاشجار التي امتازت بليونتها ومتانتها، واستعملها أهل الدير بديلاً للحبال.


ويعمل الحطابة على بيعها وذلك عن طريق نقلها إلى الفلوجة العراقية التي تعد مركزاً لصناعة السفن والقوارب (الشخاتير)، وتسير هذه “الأطواف” مع مجرى النهر، ويكون بالمقدمة “قائد الرحلة” وهو من يوجههم  فيصيح شامية او جزيرة حسب ضحالة النهر وعمقه والموانع والمصدات الموجودة أمامه، ويجب أن تكون المسافة بين الطوف والآخر مسافة تتراوح بين 500 متر إلى 1 كم، وذلك كيلا تقع جميعها في مشكلة إذا ما حدث طارئ كأن يغوص أحدها بالرمال فيكون للباقي الفرصة والوقت للابتعاد ومساعدة الطوف المستعصي لدفعه وإعادته للمسير.. 

 

وتصل هذه الرحلة الى الفلوجة العراقية …حيث كانت الفلوجة مركزاً لصناعة القوارب والشخاتير في العراق …. ويقال إن السلطان العثماني عندما أراد استرجاع بغداد من الاحتلال الصفوي قام بصناعة آلاف الآلات الحربية من أشجار الغرب الديري…

 

أما عن “الطوف” فهو عبارة عن أعمدة أشجار الغرب بعد تجفيفها ليسهل تطويفها، تصف بجانب بعضها على شكل طبقات، ويتكون من أربع أو خمس طبقات من أعمدة الغرب بشكل طولاني وعرضاني في كل صف، ويوضع على سطح الطوف حصير منسوج مثل “البساط” من أغصان الغرب، وتربط هذه الأعمدة بأغصان الغرب، وتثبت عمودين على جوانب الطوف من كل طرف بارتفاع متر عن سطح الطوف وتثبت عليها المجاديف التي تسير الطوف وتغير وجهته.

 

يركب (الحطابة) فوق الطوف المراد بيعه ويأخذون معهم في رحلتهم الطحين والصاج وأدوات الأكل وذلك لأن رحلتهم تدوم أياماً، حتى يصلوا إلى الفلوجة ويبيعوا حطبهم الذي يقطعونه من حوايج دير الزور.

شاهد أيضاً

(ألوان بلا عنوان).. حمام السوق بقلم سمير الحاج

قبل العيد بيوم أو يومين في فترة ما قبل السبعينات من القرن الماضي يتجهز الناس …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *