مبنى الإذاعة بدير الزور في ذاكرة تركي الجمعة

محطة اذاعة دير الزور

تاسست عام 1960 اثناء الوحده مابين مصر وسوريه ومرت في ثلاث مراحل
المرحله الاولى : وهي مرحلة التأسيس واقتصرت على وحدة إرسال متنقله

المرحله الثانيه : مرحلة اشادة بناء ثابت على ارض في قرية الجفره شرق ديرالزور زود بأجهزه متطوره تقنياً

المرحله الثالثه مرحلة التوسع والتطوير في قرية البغيليه غرب مدينة دير الزور

وسأقتصر حديثي عن المرحلتين الأولى والثانيه التي عاصرتها وساهمت بالعمل فيها وكنت شاهدا على تطورها وأترك الحديث عن المرحله الثالثه لمن عاصرها وعمل فيها

المرحله الاولى :
عند تأسيسها كانت عباره عن وحدة إرسال متنقله يبلغ طولها مايقارب ستة أمتار بعرض مترين ونصف المتر تشتمل على أجهزه ومعدات لاستقبال البث الاذاعي من اذاعة دمشق أو أية جهه أخرى بواسطة هوائي بارتفاع أكثر من عشرة أمتار يثبت على الأرض خارج الوحدة ومولدة كهرباء احتياطية
اختير لها موقع فسيح في خان بيت طلاع المجاور للملعب البلدي في ذاك الزمن ( حاليا بناء المتحف الوطني ) ليكون مقرا لهذه الوحدة
ثانيا : وظيفتها استقبال البث الاذاعي الصادر عن إذاعة دمشق الضعيف والمشوش وتصفيته من التشويش وتقويته وإعادة بثه في الهواء إلى مسافات بعيدة بواسطة الهوائي الخارجي ليغطي محافظة الجزيرة  وشرق دير الزور و مساحات واسعه من العراق حين لم يكن البث الاذاعي يصلها قبل ذلك
ويمكن عند الحاجه الضروريه إضافة بعض الأجهزه التي تؤمن إذاعة بث برامج من هذه الوحدة المتنقلة

العاملون في محطه الاذاعه
أولا : الهيئة العامة للإذاعة التي أصبح مقرها في ساحة الأموين في دمشق أجرت مسابقه للمتقدمين إليها لاختيار عدد منهم من الحاصلين على الشهاده الصناعيه للتعيين في محطة بث دير الزور المقرر انشاؤها
وفي نتيجة المسابقه جرى تعيين الناجحين ومنهم :
برهان طعمه — وشاكر عوجان — ومهيدي كنعان – عدنان توفيق
وأجريت لهم دورة تدريبية في بناء إذاعه دمشق وعلى تقنية الإرسال في المحطه الرئيسية في “الصبورة” ثم في جبل قاسيون بعدها التدريب على الأجهزه المخصصة لدير الزور الموجودة في الوحده المتنقله.
واختير بعدها برهان طعمة رئيسا لهذه المحطه واجريت له بعض التدريبات الخاصه بالإداره والمحاسبة وعلى أصول تنظيم قطع الغيار وغيرها من الأمور.
ثانيا : كلف مهندس من دمشق اسمه لامع كريبوز مشرفا وموجها للعاملين وبدأ في تركيب الهوائي وإعداد الأجهزه للعمل في الموقع المحدد وإحراء تجارب على تشغيل الأجهزه الفنية وعلى أسلوب إدارة العمل
و بعد أن اطمئن المهندس لمقدرتهم على استيعاب تشغيل أجهزة استقبال الصوت ومعالجته من التشويش وإعادة إرساله أوكل لرئيس المحطة برهان طعمة القيام بنفسه بتشغيل هذه الأجهزة دون أية مساعدة او توجيه من قبله مع توجيه بعض الاسئلة له عن وظيفة كل قطعة من الجهاز ودورها في استقبال البث وإعادة إرساله وغيرها من الاسئلة
وأثبت جدارة في العمل التجريبي وتفهم وظيفة كل قسم في الأجهزه وكان الجميع في منتهى السعادة عند سماع صوت مذيع إذاعة دمشق يبث على الهواء بصورة واضحة وقوية دون أي تشويش .
كرر هذا العمل بقية العاملين كل على حده وكانت النتيجة مفاجئه ومبهره للمهندس
ثالثا : البث الإذاعي في ذاك الوقت كان بحري لمدة 12 ساعة على مرحلتين صباحيه ومسائيه يقف البث خلالها . والعاملون في فترة التوقف يتابعون دراسة الكتلوكات العائدة للأحهزة لاستيعابها بصورة جيدة والاستفادة من خبرة المهندس قبل أن يغادرهم عائدا إلى دمشق
رابعا : المهندس مع رئيس المحطة برهان طعمة عام 1961 أرادا تعيين بعض العاملين الفنيين المؤقتين وجرى تعييني مع صديق لي هو جمعه ويس الماجد زميل الدراسة وكنا وقتها لا نحمل سوى شهادة الاعدادية الصناعية مع سائق لسيارة اللاند روفر التي خصصت للمحطه اسمه ابراهيم البيطار
قضيت بالعمل مايقارب الشهر عينت خلالها معلما وكيلا بمدرسة موحسن الريفيه وتركت العمل في المحطه..
المرحله الثانيه :.
أولا : ذهبت الى اداء الخدمة الالزامية عام 1962 وأثناء وجودي بالجيش حصلت على الشهادة الثانوية الصناعية في الدراسة الحرة وبعد تسريحي من الجيش عملت موظفا في مالية دير الزور عام 1965 في قسم المحاسبة وجرى ندبي عام 1966 من مديرية المالية الى محطة اذاعة دير الزور التي تحولت من محطة متنقله الى محطة ثابته في بناء واسع مشاد على موقع في قرية الجفره المقابلة للمطار شرق المدينة لأعمل محاسبا ومشرفا على سجلات قطع الغيار والأجهزة الفنية الاحتياطية باعتباري أحمل ثانوية صناعية بالاضافة للعمل المحاسبي

أيضا اخضعوني إلى دورة تدريبية اطلاعية في بناء الإذاعه في ساحة الامويين بدمشق وفي المحطة الرئيسية قي الصبورة وفي جبل قاسيون تتضمن برنامجاً محدداً عن اجهزة البث الاذاعي ومراحل عملها مع أهم القطع القابلة للتغيير والإصلاح مع النظام المحاسبي المتبع في هيئة الإذاعة..واستغرقت الدوره مدة شهر ونصف الشهر في نهايتها عدت إلى دير الزور وباشرت عملي في محطة الإذاعه.
ثانيا : عند مباشرة مهام عملي وجدت واقعا مغايرا جذريا عما كان في السابق
أ – بناء حديث يحتوي على صالة واسعة تشتمل على اجهزة كبيرة حديثة ذات تقنية متطورة مرتبة على نسقين نسق يحتوي أجهزة الاستقبال والأخرى أجهزة الإرسال (البث) مثبتة على ارضية معزولة عن الشحنات الكهربائيه وموصولة بكبل يخرج من الصاله إلى الهوائي في الخارج
و في وسط الصالة يوجد أيضا غرفة واجهتها المطلة على الصالة مصنوعة بكاملها من البللور ليراقب منها العامل الأجهزة وهو يتحكم بأجهزة التشغيل المثبته أمامه
ب — مستودع لقطع الغيار مع السجلات التي يدون فيها المواصفات الفنيه لكل قطعة والمخططات العائدة للاجهزة مرتبة جيدا بالجوار من الصاله
ج — هوائي مثبت خارج البناء ارتفاعه أكثر من ثلاثين مترا مع مولدات كهرباء كبيره تستعمل عند الحاجة وساحة واسعة جدا قسم منها مخصص لملعب كرة السلة والطائرة وحديقة مرتبة جميلة ومرآب للسيارات مع غرف منامه للعاملين
د — وجدت عددا كبيرا من العاملين الجدد مع العاملين الأوائل باستثناء العامل شاكر عوجان المنقول إلى دمشق جمبعهم من أصدقائي وزملائي سابقا في مدرسة الصناعة وبعضهم من أقربائي أذكر أسماءهم وفق الاتي :
أحمد الراوي الأديب والشاعر القدير والفني المتميز
عدنان حمادي—عبد المجيد مالود —-عمر كنعان —أنور جدعان —- عباس سلامة — خليل علوني — فضل عوجان — عطالله العيد —مصطفى كنعان — رجب كنعان — مصطفى حساني –ابراهيم بيطار
فاضل غازي المنقول إليهم من دمشق — والأستاذ صالح عوينة مدير الشؤون الإداريه بالمحطة وبعض العمال المؤقتين لا أذكر اسماءهم
بالإضافه إلى رئيس المحطة برهان طعمه ونائبه مهيدي كنعان وعدنان توفيق
أيضا لمست بعد مباشرة مهام عملي أن العلاقه بين العاملين ورئيس المحطه برهان طعمه كانت أخويه و بمنتهى الانسجام والتعاون والموده وتبادل المعلومات والخبرات والالتزام الجاد في تحمل المسؤوليه لتسيير العمل بنجاح لما يترتب عليه من اعتبارات أخرى غير الاعتبارات الفنيه …
ووجدت أيضا خبيرا من تشيكوسلفاكيا الجهه المصنعه للاجهزه الحديثه يداوم معهم لمراقبة حسن عمل تلك الاجهزه
و يحضر اليهم بصوره دوريه بعض المهندسين والفنيين القادمين من الهيئه العامه للاذاعه بدمشق للاشراف على حسن سير العمل وتقيمه
ثالثا: .و من نتيجة هذا الاشراف تم تقييم عمل محطة دير الزور ووجدوا انها من أفضل عمل المحطات الموجوده خارج دمشق ليس لأن عملها يسير بصوره حسنه فحسب وانما لأنها المحطه الوحيده في سو رية التي يسيرها ويديرها عمال أغلبهم يحملون شهادة الكفاءه الصناعيه وعدد قليل منهم يحمل الشهاده الثانويه وليس بينهم أي مهندس ويقومون بكل هذا العمل بجداره فريده من نوعها
حتى انها اضحت من المحطات المعروفه والمشهوره لدى المسؤلين في دمشق وفي سوريه عامة لتفردها بهذا العدد الكبير من الفنيين المهره المجدين والمبدعين .
مما دفع الاداره العامه الى ارسال اغلب العاملين الى تشيكوسلوفاكيا لاجراء دورات تدريبيه لكسب خبرات ومهارات أكثروأعم
رابعا: بعد هذه الدورات الاطلاعيه والتدريبيه أ صبح بامكان رئيس المحطه والعاملين معه أن يجروا صيانه عامه ( عمره شامله )للألات والمعدات بمنتهى الثقه والامان واصبح بامكانهم تصليح مختلف انواع الاعطال يسهوله ويسر.وخاصة بعد أن اصبح البث الاذاعي مستمرا دون انقطاع وتوقف لمدة 24 ساعه متواصله ويصل مداه الى اواسط قارة اسيا
خامسا :
تغير نظام الدوام المتبع في الماضي الى نظام ثلاث ورديات تداوم كل ورديه من العمال 24 ساعه وترتاح 24 ساعه وهذا مايوجب على الورديه المناوبه من العمال المبيت في المحطه

سادسا : عملت مايفارب السنه مع هؤلاء العمال المهره من أبناء بلدي أسهر معهم طوال الليل أستفيد من خبراتهم الفنيه والعمليه و نسترجع ايام الدراسه والظروف التي حالت دون متابعتها وكل منا يظهر مالديه من .اهتمامات وفوجئت بابداعات احمد الراوي الشعريه والادبيه في سهراتنا الطويله
تكلمنا عن كل شيء عن طموحاتنا وتطلعاتنا للمستقبل

وخرجنا برحلات جماعيه الى الباديه في موقع البشري أدت الى تقوية أواصرالمحبه والانسجام وتقوية روح العمل الجماعي
( ارفق بعض الصور التذكاريه عنها )
ووجدت نفسي امام شباب كله حيويه وتفاؤل وتصميم على اثبات جداره أكثربالعمل لرفع مكانة بلدهم عاليا ورغبه في تحسين احوالهم الماديه والمعيشيه بممارسة عمل اخر خارج الدوام في المحطه حتى لايقع أيا منهم في الخطأ

سابعا : عند ترشيحي من قبل وزارة الماليه للالتحاق بمعهد التخطيط والاحصاء بدمشق الذي تشرف عليه منظمة اليونسكو ويادرات وزارة التخطيط والاحصاء السوريه انفكيت عن عملي بمحطة الاذاعه عام 1967 وأنا في غاية الاسف للابتعاد عن زملاء ترسخت أواصر الصداقه والاحترام والاخوه والمحبه بيننا
لذلك رغبت أن احيي ذكراهم العطره بعيد ميلاد الاذاعه السبعين
أحييكم أيها الأحبه الغالين
ورحمة الله على روح من توفي منكم
ابن خالتي الحاج برهان طعمه
وابن العم مهيدي كنعان
والشاعر والاديب القدير أحمد الراوي
وكل من توفي ولم أعلم بوفاته بسبب مانحن فيه من تهجير وتشرد وما تمر به بلدنا الغالي من ماسي ومحن وتغمدهم بواسع رحمته واسكنهم فسيح جنانه
واطال الله في عمر من بقي منهم على قيد الحياة

املا من الاخوه الزملاء والاصدقاء المعذره عن كل تقصير حصل في ذكر بعض الاسماء أو الوقائع
مع فائق التقدير والاحترام

 

شاهد أيضاً

(ألوان بلا عنوان).. حمام السوق بقلم سمير الحاج

قبل العيد بيوم أو يومين في فترة ما قبل السبعينات من القرن الماضي يتجهز الناس …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *