طريقة ومقادير عمل المكدوس الديري.. بيظنجان زوري

– المعروف في بلادي .. أن فصل الصيف ، هو موسم انتاج الرزق و الخيرات ..
و يتبعه فصل الخريف .. لتجهيز المونة من سائر الخضروات .
..
– يعتبر شهر ايلول . من أنسب الاوقات السنوية .. التي تتحضر فيه المؤونة الشتوية .. في دير الفرات ( دير الزور ) .
..
..
– بالزمن القريب الراحل .. في سنوات السلم .. و بمثل هذه الايام من كل عام ..
يتم تحضير مكدوس البيظنجان في دير الفرات .
من بين انواع المؤونة الشتوية التي يتم تحضيرها في فصل الخريف .
..
– و المكدوس الديري .. هو عمل مطبخي نسائي احترافي بإمتياز . من اختصاص الام الديرية .
……
– المرأة الديرية الفراتية ..
هي انسانة عظيمة جدا ، و شاطرة في صناعة عموم الاطايب .. و خصوصا المؤونة الشتوية الغذائية .
..
– و صناعة المكدوس .. هو فن بحد ذاته ، تجيده المرأة الديرية ببراعة و احترافية عالية ..
و انتاجها يكون اطيب و انظف و اقطف ، من انتاج المصانع الغذائية في العالم بأسره .
ف شكرا لها من القلب دائما و ابدا .
و رحم الله المتوفيات منهن .
….
….
– لمحة عن ( البيظنجان الزوري )..
– هو باذنجان مميز جدا و لذيذ ، و اشهر منطقة يتواجد بها ضمن ارض الفرات ، هي منطقة الشميطية ، و ما حولها من قُرى .. و يسمى بيظنجان الشميطية .
..
– ( البيظنجان الزوري ) ، له عدة استعمالات غذائية في دير الفرات ..
و يعتبر من اهم أصناف الخضروات الفراتية الصيفية ، التي تُستخدم للمؤونة الشتوية .
..
– يتميز البيظنجان الفراتي ( بيظنجان الشميطية ) عن بيظنجان باقي المحافظات السورية .. بأشياء كثيرة .. أهمها ..
– أنه مروي من نهر الفرات ..
– لا يحوي بطعمه عِرق المرار .. بل يتميز بنكهة حلاة بسيطة بكثير من الاحيان..
– أليافه ريانة من ماء الفرات العذب .
– لونه اسود ، و حجمه متوسط للصغير ..
– لا يوجد بداخله بذور كبيرة .. إلا ما نَدَر .
..
– كثير من اهالي الدير من النساء و الاطفال الذين يصنعون البيظنجان للمونة .. سواء للمكدوس او المربى .. يأكلون من البيظنجان و هو ني ، لأنه لذيذ الطعم و المذاق .
..
– و اتذكر اننا كنا نصدر منه لمحافظات كثيرة . منها دمشق و حلب .. بسبب ان البيظنجان بالشام او حلب .. احمر و طعمه مر .. و كبير الحجم ، و ( اِمبَزِّر ) ، و لا يصلح للمونة ، و لا حتى في الاكلات اليومية .
– و نكهة الماء المروي بها ، له طعم غير مرغوب .
…..
…..
— هناك خطوات اساسية ، عند صناعة مكدوس المونة في دير الفرات .
..
– اولا ..
يتم انتقاء حبات البيظنجان الزورية الصغيرة السوداء .. و هذا النوع فقط هو الذي يصلح للمونة الشتوية .
– بحيث يأتي أهل البيت بكمية كبيرة من البيظنجان ، و بعض العوائل الديرية لشدة حبهم للمكدوس الديري .. يأتوا بكمية تتراوح ما بين ١٥٠ ال ٢٠٠ كيلو ..
لكن متوسط العوائل الديرية عامة ١٠٠ كيلو .
– و هذه الكمية يقدروها الاهل تقدير .. بحيث تكفي العائلة الديرية كاملة ، و على مدار فصل الشتاء ..
لأن استهلاك المكدوس يكون بشكل يومي تقريبا ، على الافطار و العشاء .
..
– مع هذا الشهر .. تبدأ حرارة الصيف بالانكسار تدريجيا ..
و يستمر توقيت صناعة المكدوس من ايلول الى تشارين .. و تشارين هي افضل الاوقات لصناعة مكدوس ( المونة حصرا )
و الغاية من ذلك لكي لا يخرب او .. يحمض .. بأشهر المونة الشتوبة .
– ثانيا ..
تُغسل حبات البيظنجان ، و توضع بالقدور الكبيرة على النار .. لدرجة الغليان .. بمعنى ( نص سلقة ) .
و يفضَل تقليبه بالجفجير عند الغليان ، كي تستوي جميع الحبات بنفس الدرجة … مع ابقاء ( اذانات البيظنجان ) و اذانات البيظنجان باللهجة الديرية .. هي الطربوش الاهضر فوق رأس البيظنجانة .
..
– بعد سلق البيظنجان نص سلقة .. نرفعه من الماء المغلي .. و نضعها في صياني كبيرة لكي تبرد قليلا ..
بعدها نقوم ( بتَشليع اذانات البيظنجان ) ، ( نزع الاعواد الخضراء ) ..
ثم شق بطن البيظنجانة الواحدة طوليا ، من جنبها .. مِن قبل رأسها بقليل ، لقبل نهايتها بقليل .
..
– ثالثا ..
يتم حَشي البيظنجانات بقليل من الملح الفراتي ( ملح اُِعديد ) . و هو ملح مستخرَج من جوانب السبخات المائية النهرية وقت الصيف ..
يتم حشو البيظنجانة الواحدة من موضع الشق في البطن ، و على خارجها ايضا .
– رابعا ..
نقوم بتوزيع البيظنجانات ب مصافي بلاستيكية كبيرة .. بشكل منتظَم جانب بعضها و فوق بعضها ، الى تمتلي المصفاية الواحدة ..
و يوضع صينية مقلوبة ، على وجه المصفاية .. ثم يتم وضع اوزان ثقلية فوقها .. تتراوح ما بين ١٠ ل ١٥ كيلو .. ك حجرات الصوان الضخمة او قطع بلوك ، او قدر كبير مليان بالماء .
و تبقى على هذا الوضعية ، يوم و الثاني.. و هذه المرحلة تسمى التثقيل ..
( واضحة كما في الصورة ) .
..
– و الغاية من التثقيل ، هو ( تهظيل الماء ) ، بمعنى اخراج اكبر كمية ممكنة من الماء ..
فتذبل حبات البيظنجان لتصل الى نصف حجمها العادي او اقل ..
لان الماء يُفسدِ المكدوس اثناء ايام الشتاء ، و يجعله ( اِيحَمِظ ) .. و بالتالي كل هذا الشغل المتعب و المصروف الباهض ، يذهب هباء .
..
– خامسا ، تبدأ مرحلة وضع الحشوات ، و تجهيز القطرميزات .
…..
– القطرميزات الخاصة بالمكدوس ..
يجب ان تكون نظيفة من داخل و ناشفة تماما لحد الجفاف .. لكي لا يخرب المكدوس بعد فترة من تخزينه ..
و يتم التخزبن بالسراديب او المطابخ او الاماكن العادية التي لا تزورها الشمس . و تكون درجة الحرارة فيها عادية او باردة قليلا .
..
..
— حَشوة المكدوس الديرية اللذيذة ..
هي عبارة عن ..
١- فليفلة حمرا باردة ، او فليفلة حمرا حارة ..
بالبداية يتم تعريش الفليفلة قبل تقطيعها .. ( نزع العروق البيضاء من داخلها ) .
يقولون باللهجة الديرية ، الفليفلة ( تِتَعَرَّش ) .. اي يُنزَع اللبُ و العروق منها .
– البعض يفضل المكدوس بالفليفلة الحمرا الحارة . و احيانا يخلطون الفليفلة مع بعضها ، و يتم حَشيها بالمكدوس .
– لكن غالبية اهل الفرات ، يُفَضِلون الفليفلة الحمرا الباردة للمكدوس .
– و الفليفلة عموما تكون مقطعة بالسكين الى مربعات صغيرة جدا .. و تبقى مفرودة بالصينية على اشعة الشمس ، لمدة يوم واحد .. اما بعض الاهالي ف يفضلون وضع دبس فليفلة الجاهز من قبل .
٢ – جوز ..
يتم تكسير لُب الجوز باليد .. ليصبح جوز اِمكَسَّر .
و الجوز غالي الثمن .. و يفضل النوع الاوكراني ، لان حبته لونها اشقر .. اما الجوز البلدي ، فهو بني داكن .
٣- ثوم ..
البعض يُفضله مهروس .. و البعض الآخر ، يضع الثوم المُقطع قطع صغيرة بواسطة السكين .
..
– يتم خلط الفليفلة مع الجوز و الثوم كما في الصورة ، و يوضع قليل من هذا الخليط ، بداخل كل حبة من حبات البيظنجان ..
و يبدأ رصف حبات البيظنجان بالتناسق ، بداخل القطرميزة الكبيرة ، و بطريقة مرتبة و منتظمَة ..
..
– عند امتلاء القطرميزة بالمكدوس لأخرها .. يتم قلبها بالعكس تماما ، و وضعها على فمها لمدة يوم كامل .. لكي ( يشخل ) الماء الناتج عن تفاعل الثوم و الفليفلة و البيظنجان .. ثم تُقلَب من جديد على عقبها .
…..
— نصل هنا لمرحلة تعبئة الزيت ..
– افضل زيت للمكدوس .. هو النص بنص ..
يعني نصف من زيت زيتون ، و النصف الاخر زيت عملي .
– الغالبية يضعون زيت عملي عادي ، بسبب الاوضاع المادية العامة ، و هو لذيذ الطعم ..
و البعض الأخر من الاهالي يضعون زيت زيتون صافي .. لكنني لم اجده لذيذ كثيرا .
..
– عند غمر القطرميزة بالزيت ل فمها ..
.. يتم طبطبتها من الجوانب .. ليتغلغل الزيت بكل انحاء القطرميزة و بين المكدوسات .. و تخرج الفقاعات الهوائية الصغيرة ..
و يتم اغلاق القطرميزة بالغطاء المحكم ..
و انتظار بضع ايام قبل بداية الاستهلاك ..
قد تصل مدة الانتظار من يومين الى اسبوعين ..
و كلما انتظر الانسان اكثر .. كان المكدوس اطيب ، نتيجة التفاعل الحاصل بين المواد داخل القطرميزة .
لان بالمحصلة هي عملية من عمليات التخليل .
– و صحة و هنا على قلوب الجميع .
..
– اشكر الخالة ام عاصم بشرى الجراد .. على تقديمها لصور المكدوس الذي صنعته بهذه الايام .. و هي ست صور وراء بعضها موجودة بضمن الصور
..
..
– اللهم أطعم اهالي الدير المحاصرين من جوع .. و آمنهم من خوف .
يا رب فَرَجك عليهم يالله .
..
نهر الفرات
عباس مهجع

شاهد أيضاً

حلو العيد بأيادي الديريات (صور )

     

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *