يوميات العم أبو سامي (3)

يوميات العم أبو سامي 

بقلم الأستاذ عبد المجيد إسماعيل 

 

دير العتيق  كما ذكرت سابقا  بيت واحد بمطبخ واحد كان بابعاد لاتتجاوز طولا خمسمائة متر وبعرض مئة متر  تلتصق بيوته ويفصل بينها شوارع ضيقة متعرجة كان يحيط به سور لتحصينه من الغزوات الخارجية  قديما كان لنهر الفرات فرع يمر في المنطقة التي تعرف الآن بسوق الصياغ وقام اهل الدير بصناعة جسر خشبي  للعبور عليه الى الخارج ويرفع ليلا … وهناك أبواب تغلق ايضا ليلا ويقوم بعض افراد الدير بالسهر ليلا للحماية وكانوا بين الفينة والاخرى يقرعون على التنك  حتى يشعرون الغرباء بأنهم غير نيام ويحذرهم من الاقتراب …..هذا الوضع المعزول وسط البادية فرض على أهل الدير الالتحام والتكاتف واجهوا للاعتماد على الذات وتوفير حاجاتهم المعيشية  بأنفسهم وهو ما جعل اغلب اهل الدير يتقنون ويمارسون المهن الحرفية والتجارية فكان اغلب العائلات تختص بمهنة معينة يتوارثها الأولاد من الأجداد وهو ما جعل من الدير سوق للبدو والمناطق المحيطة بهم  نهارا تغلق ليلا….. كان اجدادي يمارسون عملية التجبير لكسور العظام حيث لم يكن بوقتها أي اطباء وهي ليست مهنة بقدر ماهي هواية توارثوها من أجدادهم القدماء ولازال بعض العائلات التي تخصنا بقرابة بغير مناطق الدير مثل العراق والبادية  يمارسونها بينما انقرضت بدير الزور بسبب انتشار الطب الحديث والمشافي 

جدي وإخوته كانوا ايضا يمارسون ما يسمى طب الاعشاب  حيث يصنعون ادوية لوجع الراس والاسهال ولدغة العقرب والكثير من الامراض  ثم يعطونها لكل من يطلبها منهم بدون أي مقابل حيث أن جدي اسطة عبد الله دون بخط يده كتاب يشرح فيه الأمراض والأعشاب ونوعيتها  لعلاج كل مرض ..لازال الكتاب موجود ببيت عمي ويس الأصغر بين اعمامي ….كنت أشاهد والدي واعمامي كيف يقومون بتجبير المكسورين ولف كسورهم بالشاش  والجص ..أذكر ..

مرة اشتكى أحد معارفنا البسطاء من وجع برأسه  فأقنعته أن نقوم بوضع الجبصين حول رأسه ويهدا وجع رأسه …فسلمني رأسه وقمت بجلب الجبصين من بيتنا وبدأنا بتخميره وتغطية رأسه وشعره وحلقه  …وبعد ان جف الجبصين صار يركض ويصرخ حيث ان الجبصين عندما يجف يتقلص ويشد على المنطقة المحيطة وهو ماحدث له وصار يشعر بالالم والاختناق …وصرنا نركض خلفه ونريد ان نزيل عنه الجبصين  ولم يكن امامنا الا استعمال المطرقة والمنشار وهو خائف ويصرخ خائفا ان ننشر راسه او نؤذيه بالمطرقة ….فلم يكن منا إلا أن ربطنا يديه وارجله وقمنا بازالة الجبصين تنتيف نتفة نتفة وقد اضطررنا لازالة الجبصين  الملتصق بشعره ان نزيل القسم الأكبر من شعر رأسه ….. زال وجع رأسه لكن تشوه منظره ….

 

شاهد أيضاً

(ألوان بلا عنوان).. حمام السوق بقلم سمير الحاج

قبل العيد بيوم أو يومين في فترة ما قبل السبعينات من القرن الماضي يتجهز الناس …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *