صناعة الغرّاف.. مهنة ديرية

بقلم لؤي بدور

أستميحكم عذرا أستاتذتي الأفاضل والذين يقومون بنشر وتوثيق الموروث الشعبي، فأنا لست مختصا” في هذا المجال.

 

(المرحوم بدور حمزة العرفي)

 

مجرد هواجس أحاول أن أنشرها لإحدى الصناعات والمهن التي كانت موجودة لفترة قريبة في وادي الفرات،

ألا وهي صناعة( الغراريف ) والأمر متروك بعهدة من هم أخبر مني لتزويدنا بالأشعار
والأهازيج التي كانت تقال، على الرغم أني أعرف منها الشيء القليل ، وأتذكر منها أغنية للفنان والشاعر الأستاذ سعيد حمزة يقول فيها :


بفي الغرب والصفاف
لو مر حبيبي وقاف
يشهد علينا الغراف
والنخل والمية


والغراف هو ألة ميكانيكية يدخل في صناعتها خشب التوث ( التوت ) لما له من صفات المتانة وهو المادة الرئيسية بالإضافة إلى أطواق من الحديد للتثبيت مع المسامير.


ويعتبر الغراف من أهم الآلات الزراعية في ري الأراضي في منطقة وادي الفرات لوجود نهر الفرات العظيم هذه الهبة السماوية ، والحاجة دفعت الإنسان إلى إختراعه ويحتاج في صناعته الخبرة والدقة لأنه يعمل على شكل مسننات تتعشق بعضها ببعض بشكل عامودي وأفقي وترتبط بها عدة دلاء وتدار هذه البكرات الخشبية بفعل قوة الحيوان.


وأي خلل في التصنيع يؤدي إلى فقدان توازن عمله.


واقسامه :


الشلبك(الشلبج ) : دائرتان من الخشب ترتبطان مع بعضهما بأسياخ من الخشب..
الجبة: وهي من خشب ( التوث ) ويتراوح طولها نحو أربعة أمتار وعرضها وعمقها ٤٠ سم .
البكرة: دائرتان من خشب التوث بقطر متر ونصف المتر من خشب التوث مركز على محيطها أصابع( دندانات ) من خشب التوث منها مربعة ومنها مخروطية الشكل وطول كل دندنة ١٥ سم وقطر ٥سم.
الشمعة : خشبة من التوث طولها متران ونصف مربعة الشكل وبرأسها ميلين من الحديد يسمى كل منهما قطب .
الجايز : أخشاب لإرتكاز أقسام الدواليب على طرفي البئر.


ويربط ( الحيوان ) بالقوس وهو خشبة طولها ثلاثة أمتار يدخل في الشمعة فإذا جرى الحيوان تدور الشمعة وتتبعها البكرة والشلبج وعليه دلاء وعددها يتراوح بين ٣٢ _ ٤٨ دلوا”.


وأما أبرز من عملوا في هذه المهنة هما الحاجين المرحوميين بدور حمزة العرفي وعبد القادر الفاكوش .


ومن طرائف ما حدث أثناء تصنيع أخر غراف .
روى أولاد المرحوم الحاج بدور ( الكباتن )
قاسم ومحمود و أحمد ، أنه تم تصنيع أخر غراف عامي ١٩٦٩ و ١٩٧٠ في بيتهم العربي
نظرا لبعد المكان المراد وضع الغراف به.
وبعد الإنتهاء أرادا أن يخرجا الغراف من بيتهم فوقعا في مشكلة وهما يعلمان بذلك
أي ( المرحوميين ) فإما أن يقوما بخلع الباب وهدم ما يعلوه، أو إخراجه من سطح ، نظرا لضيق الحارة الموجود بها البيت.
فقررا أخيرا إخراجه من سطح البيت.
فاستعانا بحمالين من سوق الحبوب (العرصة ) واستغرقت العملية ساعات طويلة.


ويقع منزل المرحوم الحاج بدور في الحميدية بشارع التكايا مقابل منزل الشيخ عبدالله النقشبندي في حارة تعرف بإسم
( الدربة الذيقة ) نظرا لضيق الحارة والتي لا يتجاوز عرضها المتران والنصف ، وأهل المنطقة يعرفونها بهذا الاسم.
ومن سكان هذه ( الدربة ) :
صالح الخضيري أبو أسعد .. محمود العواك أبو رياض … إسماعيل فوزي… أحمد الصالح أبو مروان… محمود أفندي أبو الشكر… حميدي الزغير أبو ماهر … كروم الشبلي ابو حسون… سليمان أبو داود …
محمود حمدة أبو شكور … بدور الحمزة أبو محمد… يوسف حج فرج أبو قبس… عبيد الهضيمة أبو سمير.


الرحمة لهم جميعا ولمن بقي منهم طول العمر ، والعذر منكم.
والانتظار من الأساتذة الأفاضل تزويد المتابع ببعض الشعر عن الغراف.

شاهد أيضاً

(ألوان بلا عنوان).. حمام السوق بقلم سمير الحاج

قبل العيد بيوم أو يومين في فترة ما قبل السبعينات من القرن الماضي يتجهز الناس …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *