أيام تلفزيون “الطقّات” .. والراديو

يبدأ النهار بسماعنا جميعاً لراديو (والدي) وتلك الموجات.. لننتقل بعد ذلك إلى صوت إذاعة دمشق والموسيقا التي تسبق بدء انطلاق البرامج وهذه الموسيقا عبارة عن دقات عود أو بزق ونغماتها رتيبة متواصلة تحفظها غيباً ذاكرة من عاش تلك الطفولة.. ليبدأ بعدها برنامج (صوت العراق) الذي كنت أحب أن أستمع فيه لأغاني (فرقة الطريق العراقية)..

 

يمين .. عاليسار شوي .. وجهها عالمي .. عالمي ( ويقصدون باتجاه نهر الفرات) .. بسسسسسسس .. طلعت …. لااااااااء .. خرّبتها

 

كنت أسمع هذه العبارات من أهلي عندما كنت أصعد فوق سطح منزلنا لكي أوجه (السيبة) الخاصة بتلفزيون من نوع “توشيبا” ملون “طقّات”

 

بالمناسبة .. لم يكن في بيتنا درج كي تصعد إلى سطحه.. بل كنت اتسلق بوضع قدمي مابين جدارين إلى أن أصل السطح وأتعلق بأسياخ السقف الخارجة من سقف الغرفة وأصل محققاً بذلك نصراً على واقع البيت بلا درج

 

كان ذلك في مطلع الثمانينات فقد كنت ملزماً بأن تتفرج على القناة الوحيدة ويتندر البعض بتسميتها “قناة غصبن عنك”.. ولكنّ شغف الديريين بأخبار وأغاني العراقيين في ذلك الزمن كان دافعاً لكل أهل الدير كي يشتروا هوائيات (سيب) لرؤية الفناة العراقية والاستماع إلى الطرب العراقي الأصيل.

 

لعلّ أكثر وقت كانت تكثر فيه “طلعاتي” فوق السطح لضبط الهوائي كانت في أوقات المباريات التي ينقلها التلفزيون العراقي وكنت أحفظ أسماء لاعبي المنتخب العراقي في تلك الأيام .. لكنّها تساقطت من ذاكرتي مع مرور الأيام وبقي اسم عدنان درجال وأحمد راضي والمدرب عمو بابا عالقاً في جذور الذاكرة.

 

كنت أشعر بالفرح عندما تنتهي مهمتي المصحوبة أحياناً بحروق في اليد نتيجة حرارة عمود الهوائي الحديدي في صيف الدير الحارق، وتنتهي المهمة بكلمة (“بس” انزل) .. أو (انزل انقلع مازبطت)

 

كانت أياماً جميلة.. تنتهي ببرنامج (غداً نلتقي) الذي كانت تقدمه “ماريا ديب” لتظهر بعد ذلك “الوشّة” التي لم تعد تشاهدها في عصر الدش والأنترنت

 

أما عهد أول تلفزيون بالحارة .. فهي قصة من نوع آخر وسنخصص للها مقالة أخرى

 

بقلم أحمد العطرة 

شاهد أيضاً

(ألوان بلا عنوان).. حمام السوق بقلم سمير الحاج

قبل العيد بيوم أو يومين في فترة ما قبل السبعينات من القرن الماضي يتجهز الناس …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *