البناء الديري القديم.. بقلم يونس سند

تتجمل دير الزور بالماضي بابنية ذات واجهات جميلة تعبر عن ذوق عال ورفيع وعن عناية فائقة في بنائها ورسمها على شكل لوحات حجرية منحوتة رائعة كمايبدو ببعض الصور المرفقة .
ويتم نحت الحجر الكلسي من قبل النقار وهو شخص فنان في نحت الحجر ولديه ادوات كثيرة يستعملها لهذه الغاية ويقوم بنحت چباش الابواب والشبابیك وعمل التزيينات الحجرية على شكل اقواس مزينة بالورود وتركب احجار الابواب والشبابيك وتسند الاحجار فوقها باعواد الخشب .
وكان في المدينة العديد من نقاري الخشب اذكر منهم جارنا المرحوم طه الهواس واتذكر كيف كان يجلس امام الباب ويقيس الاحجار وينحتها واحدة واحدة بطريقة جميلة .
ويركب باب من الخشب المغلف بالتنك وعليه سقاطة من النحاس ذات اشكال مختلفة لدق الباب او قد يركب باب من الحديد وهذا صار بالفترة المتأخرة .
وللباب قفل ذو مفتاح طويل وفي الخلف له سرگي طويل لقفل الباب من الداخل .
والبناء الديري كان له نمط سائد حسب مساحة البيت ..اما غرفتين وصالون مغلق بالواجهه او اربع غرف وصالون مغلق .واذا كان البيت كبيرا” تكون الغرف مشرفة على الحوش وتأخذ جانبين من البيت وتترك الواجهة وقسم لعمل منافع ( مطبخ وحمام ) ومرحاض في جهة اخرى .
وكان البناء بالعموم طابق واحد واذا كان هناك طابق آخر يسمى قناق اوبناية .
وتبنى البيوت من الحجر الكلسي والجص الاسود وتاسس بالحجر الاسود او الحجر الكلسي الابيض اما السقوف فهي من جوايز الخشب وترقم بالخشب ثم يوضع فوقها طبقة من الطين ثم تسييع بالجص الاسود .
وعادة ماتكون الاسقف عالية قد تصل الى خمسة امتار وهي تعطي مساحة هوائية عالية بالغرفة في جو صحراوي حار .
ويكون للغرفة عدة شبابيك عالية لها اربعة قنطات من الخشب والبلور محاطة بالحجر الكلسي المنحوت وابواب الغرف عالية ولها ابواب من الخشب لها قنطتان ومرسومة كلوحة جميلة .
كما يبنى بالغرف فتحات بالجدرات تسمى ليوان او طاقة تستخدم لوضع الفراش والاغراض .
ويتم تسييع الغرف بالجص الابيض ويقوم بذلك الجصاصة او المسيعيية .
وقد يكون في البيت داخل الحوش مقابل للغرف الخارجية غرفتان اخريان وكاشف بينهما تضافان للغرف الخارجية .
وكثير من البيوت يوجد بالداخل قبو اوسرداب وفوقه غرف اخرى ويستخدم القبو بالصيف نظرا” لبرودته كما يستخدم لحفظ المونة .
واغلب البيوت يكون لها حوش كبير للجلوس وفيه بقچة والبقچة هي حديقة صغيرة يزرع فيها العنب والرمان اونخلة اونخلتين كما تزرع بالورد والزهور وبعض الخضروات .
كما يوجد بالحوش التنور المبني من الحجر والجص .
ويوجد درج طويل يصعد الى السطح وتحت الدرج يسمى بخاري توضع فيه كثير من اغراض البيت .
وقد ظلت هذه البيوت الجميلة سنوات طويلة وسكنتها صحية فهي باردة بالصيف ودافئة بالشتاء لكنها تحتاج لصيانة دورية وعناية وخاصة الاسقف الخشبية .
وعندما ظهر الاسمنت بالاربعينات وانتشر ثم بالخمسينات والستينات استبدلت السقوف الخشبية بالاسمنت والحديد .
ثم انتشر البناء الاسمنتي الحديث وصار الناس يهدمون البيوت القديمة ويبنون عوضا” عنها ابنية طابقية من الاسمنت المسلح والبلوك وتغير ت معالم وواجهات المدينة ولم يبقى من هذه البيوت الا القليل وهي في قمة الروعة والجمال .
واخيرا” لم تبقَ منها الاحداث الا الخرائب والاحجار للأسف …

شاهد أيضاً

(ألوان بلا عنوان).. حمام السوق بقلم سمير الحاج

قبل العيد بيوم أو يومين في فترة ما قبل السبعينات من القرن الماضي يتجهز الناس …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *