“البسكليت” الديري.. حاجة وليس رفاهية

قد تكون الدراجة الهوائية أو مايعرف بدير الزور بالبسكليت موجودة في كل دول العالم، وفي معظم المدن السورية، ولكن الحالة الديرية لاحتواء البسكليت لايمكن أن يشابهها في عاداتها وخصوصيتها أي مدينة أخرى.


تنتشر في دير الزور نوعان من البسكليتات، بسكليت الدبل وبسكليت الفوتيس، ولكنّ هواة ركب بسكليت الدبل غالباً مايكونون من كبار السن (الشيّاب)، وكان حلم الطفل الديري أن يشتري له أبوه بسكليت، طبعاً بسكليتات الأطفال كانت أعدادها محدودة نوعاً ما.. وذلك يعود في الغالب إلى ضعف الحالة المادية لأهالي دير الزور، واعتبارهم البسكليت حاجة ووسيلة نقل، وليست وسيلة تسلية ولعبة أطفال.

 

يعتني من يحوي البسكليت به عناية فائقة على مبدأ (واحد من الولد) كما يقول العم أبو محمود، عندما يلومه أبناؤه على عنايته الكبيرة وخوفه على البسكليت:”هذا هو اللي شييلني.. إنتم شكون عيمليلي؟!”

 

ولكن عناية الشباب بالبسكليت أكبر من عناية كبار العمر.. فالزينة أحد ماينفق الشاب معظم مصروفه عليها، ومن أهم مايزين به الشاب بسكليته:

  • القصبات: وهي أوراق لاصقة أو جلاد يوضع على البدنة او هيكل البسكليت وتختلف ألوانها وأشكالها وأسعارها كذلك
  • الطرّاشات: وهي عبارة عن قطع مطاطية توضع أسفل الرفراق لتمنع “طرطشة” مياه الأمطار و”الخبايص” في الشتاء أو حتى في فصل الصيف وذلك لأن أهالي الدير يرشون “الدجة” والشوارع مساء لتبريد حرارة الصيف.
  • الخرز والزمور: طبعاً هذه الإكسسوارات قليلة الاستخدام ويستخدمها المراهقون ويبتعد عنها الشباب والكبار.
  • الدعاميات: وتزيد من قدرة البسكليت على تلقي الصدمات وعدم تضرره في الحوادث أو أن ينقلب مثلاً أثناء الوقوف.
  • مسكات الكدون: وهذه أيضاً نوع من الرفاهية وتعتبر بين مقتني البسكليتات نوع من أنواع الفخفخة

ويعتبر البسكليت بالنسبة لمعظم من يحتويه وسيلة نقل وحاجة أكثر مما هو وسيلة تباهي أو ترفيه، فهو المعين في نقل الأغراض من السوق إلى المنزل كَبُر حجمها ووزنها أو صغر، ويستخدم معظم أصحاب البسكليتات وسائل لتوسيع حمولة البسكليت وأهم هذه الوسائل (الخُرُج أو صندوق البلاستيك) ويتفنن كبار السن في ترتيب الأغراض قبل حملها على البسكليت ولعلّ معظم سكان دير الزور يعرفون أبو حياة وطريقة ترتيبه للأغراض التي يحملها على بسكليته.

 

أما عن الطقوس التي لا تنسى لأصحاب البسكليتات فهي كثيرة وكثيرة جداً فهي التي تنقلهم إلى شاطئ الفرات، حيث تتفق “الشلة” على وقت محدد للذهاب إلى نهر الفرات ويسيرون بمحاذاة بعضهم في شوارع دير الزور والفرح يحف مسيرتهم من كل الجوانب، وكذلك هناك البعض الآخر الذي يفضّل أن تكون الوجهة “الجول” أو البرية والمالحة”.

الحزن الذي قد يصل حدّ البكاء في بعض الأحيان.. يكون عندما تتم سرقة البسكليت من صاحبه، وانتشرت في دير الزور في فترة من الفترات قصة سرقة الدراجات الهوائية، وكذلك تروى قصص كثيرة عن تبادل البسكليتات عن طريق الخطأ، كأن تركب بسكليت غيرك وتمشي ولاتدري بأنه ليس بسكليتك وعند الانتباه والعودة يكون صاحب البسكليت الذي أخذته قد أخذ بسكليتك وغادر.

 

هناك مشكلة أخرى كان يعاني منها أصحاب البسكليتات وهي “التنمير”، وهي ماتقوم به البلدية من عمليات مصادرة لكل بسكليت ليس له نمرة تصدرها بلدية دير الزور وتكون عبارة عن “تنكة” كتب عليها رقم البسكليت، وبلدية ديرالزور، ويجب على صاحب البسكليت أن يدفع للبلدية مبلغ 10 ليرات.

 

البسكليت بدير الزور.. كان مصدر رزق بائعيها والمصلحين المنتشرين في كل الأحياء، ولاتخلو حارة من حارات الدير من مصلح، وهناك مصلحون ذاع صيتهم في الدير.. ولعلّ أقدمهم وأشهرهم صبحي العواد، وتعود شهرته لموقعه في وسط شارع حسن الطه أحد أهم شوارع دير الزور ويعتبر قلب المدينة التجاري.

وختاماً نقول إن البسكليت على الرغم من أن البعض يعتبره وسيلة ترفيه ويتخذه البعض اليوم وسيلة لممارسة الرياضة وتخفيف الوزن، إلا أنه بالنسبة للديريين كان حاجة.. وحاجة مهمة، يعتمدون عليها في أمورهم الحياتية.

 

ولاتكاد صورة للجسر المعلق أو لشوارع دير الزور تخلو من صورة احد الأشخاص الذين يركبون البسكليت

 

الكاتب: فريق تحرير هنا ديرالزور

شاهد أيضاً

(ألوان بلا عنوان).. حمام السوق بقلم سمير الحاج

قبل العيد بيوم أو يومين في فترة ما قبل السبعينات من القرن الماضي يتجهز الناس …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *