قيس الشيخ.. في سطور

 

 

قيس عبد الله الشيخ

من مواليد دير الزور ١٩٤٣

درس في مدارس دير الزور وحصل على الشهادة الثانوية فيها من مدرسة الفرات، ثم انتقل إلى دمشق لدراسة الطب البشري لمدة سنتين، لكنه ترك الطب والتحق بشغفه بالقانون وداوم بكلية الحقوق وتخرج منها ليتابع تمرينه في مهنة المحاماة، ثم انتقل إلى سلك القضاء الذي بدأه في محافظة الرقة ثم دير الزور ثم إلى دمشق كمدير لإدارة التشريع فيها.

صعد نجم قيس الشيخ في إدارة التشريع حيث برزت موهبته القانونية في تحليل القوانين واستنباطها وردها إلى أصلها الشرعي والمجتمعي، وقد مثل سورية كرئيس وفد أو عضو وفد في عدد كبير من المؤتمرات القانونية في بلدان عربية وأوروبية وفي الأمم المتحدة، من هذه المؤتمرات كان مؤتمر قانون المرأة ، وقانون الطفل ، وكنتيجة لتميزه في هذه المؤتمرات سمي وقتها ” بالمدفع السوري ” لاعتراضه على قوانين كثيرة كانت تتعارض مع الشريعة الإسلامية.

بعد أن وصل سن التقاعد انهالت عليه عروض كثيرة من بلدان عربية وعربية للعمل فيها إلا أنه فضل العمل في سلطنة عمان كمستشار لوزير العدل فيها ، بقي في عمان خمس سنوات ثم قرر العودة للاستقرار في مدينته دير الزور بداية عام ٢٠١٠ حيث تفرغ للبحث والكتابة.

مع بداية عام ٢٠١١ انطلقت الثورة السورية وكان المستشار من أوائل من التحق بها فشارك في كل فعالياتها والمظاهرات إلى حين اقتحام الجيش المدينة في رمضان من العام نفسه، وقتها أقدم النظام على قصف مئذنة جامع عثمان في حي المطار القديم وهي حادثة المشهورة لدينا في المدينة، كما قصف مآذن جوامع أخرى وأنكر بشار الأسد وقتها الحادثة رغم أنها كانت مصورة وقتها  ظهر المستشار على قناة فرانس٢٤ ليؤكد أننا كنا نعيش حصاراً عسكرياً وأن المآذن والجوامع تتعرض لقصف متعمد من الجيش، لاقت هذه المقابلة على قناة فرانس ٢٤ صدى واسعاً وخصوصاً أنها جاءت من قاضٍ وشخصية اجتماعية معروفة على مستوى سوريا وأحرجت عصابة الأسد ، من وقتها بدأت أجهزة المخابرات عمليات التشبيح عن طريق طلبه للتحقيق والاستجواب في محاولة لتقييده أو تخويفه أو إذلاله وعندما تبين لهم إصراره لجؤوا إلى اعتقاله لساعات في فرع المخابرات الجوية وكان وقتها قد بلغ السبعين من عمره وهو على قمة الهرم القضائي في سوريا ، بعد هذه الحادثة وحوادث أخرى مشابهة وصلت إلى حدود  الاغتيال غادر المستشار سوريا إلى سلطنة عمان مرة أخرى ليمارس نشاطه في الثورة من هناك إلا أن أجهزة المخابرات العمانية أبلغته بعدم مزاولة أي نشاط سياسي على أراضيها فانتقل الى تركيا ، حيث عمل على تدريب الكوادر القانونية في المناطق المحررة والهيئات الشرعية لفترة طويلة ثم اختير رئيساً لمجلس قيادة الثورة بالإجماع من خلال مبادرة “واعتصموا” المعروفة ليرأس تلك التجربة الرائدة التي لم تكتمل في عمر الثورة حيث استطاعوا توحيد أكثر من ١٠٠ فصيل عسكري ضمن جسم سياسي يقوده هو، بذل المستشار كل ما يستطيع من جهد في هذا العمل إلا أن العمر لم يكن يتناسب مع حجم الجهد المبذول والمطلوب فأصيب بجلطة دماغية خلال عمله، و تم اسعافه على إثرها إلى مشفى الريحانية وتنقل في عدد من مشافي تركيا إلى أن استقرت حالته بنسبة عالية من العجز الصحي الذي اقعده في المنزل حتى اليوم، هذا ملخص لحياته يكمله مايقوله زملائه في العمل من القضاة والسياسيين الذين عاصروه وعملوا إلى جانبه لأنهم الأقدر على تقييم حجم المعرفة والذكاء وبعد النظر  الذي كان يتمتع به منا . 

 

قالوا عنه

 

القاضي حسين الحمادة 

لاخير في ثورة تنسى أبناءها ، الاستاذ قيس الشيخ – شفاه الله – أحد أبنائها البررة

عند سؤال القاضي حسين الحمادة عن المستشار قيس الشيخ قال: تعرفت عليه عندما كان مديراً لإدارة التشريع في وزارة العدل وكان موسوعة حقوقية ملماً بالمنظومة القانونية السورية ولديه اطلاع واسع في الفقه القانوني العربي  وكانت علاقتي به لاتتعدى علاقة أي قاضي من مرتبة قضائية متدنية برئيس إدارة التشريع 

 

عرفته عن قرب في الثورة السورية ، ومن صفاته الشخصية الاتزان والهدوء والتروي في إصدار الأحكام على الناس 

له أعمال كثيرة منها : تنظيم وتبويب إدارة التشريع السورية ، وساهم في وضع النظام الداخلي لوزارة العدل ، وكان له مساهمات واسعة في منظومة التحكيم بالجامعة العربية ، وايضا ساهم بشكل كبير في تنظيم وتطوير المنظومة القانونية والإدارية في دول الخليج وعُمان ، حيث عمل هناك في هذا المجال لعدة سنوات أنجز خلالها الكثير من الأعمال التي ساهمت في تطوير العمل القانوني والإداري هناك 

 

وعن شهادة القاضي حسين الحمادة بحق المستشار قيس الشيخ وفضله على من درسهم ،  وعمل معهم قال:

 

للحديث – هنا –  تفصيل ويمكن اختصاره على النحو التالي :

أولا : قبل الثورة عرفته معلماً وفقيها ورجل دولة ، وكانت علاقتي به لاتعدو عن علاقة أي قاضي بمدير ادارة التشريع 

ثانياً : بعد قيام الثورة 

١ – في أواخر عام ٢٠١٢ كنت في الداخل السوري وتواصلت معه عبر وسائل التواصل الاجتماعي وكنا متطابقين في الرؤى الثورية 

٢ – في عام ٢٠١٣ – ٢٠١٤ انتقلت الى الريحانية التركية لحضور مؤتمر القضاة المنشقين وقد حضر الاستاذ قيس ذلك المؤتمر بخيث ام خلاله التوافق بين كافة القضاة على أن أكون رئيسا للهيئة القضائية العليا بمجلس القضاء السوري الحر المستقل ، وقد أيد هذا التوافق وابدى استعداده لدعم هذا المجلس ، وعملنا سوية على طرح مبادرة لتوحيد العمل القضائي في الثورة إلا أن هذه المبادرة قد فشلت بسبب معارضتها من وزارة العدل في الحكومة المؤقتة ومن الإئتلاف حتى ومن بعض قضاة مجلس القضاء الحر الأمر الذي دفعني الى الانسحاب من هذا المجلس ، وعدت الى الداخل السوري 

٣ – رشح الأستاذ قيس نفسه كوزير للعدل في الحكومة المؤقتة ، وكنت بحينها بالداخل السوري ، واتصل بي هاتفيا وطلب مني أن أعود الى رئاسة الهيئة لنتعاون سوياً ،  فاشترط عليه الشرط التالي :

بأن أقوم بتشكيل لجنة تحقيق برئاستي بحق أعضاء الائتلاف وحكومته المؤقتة وفي حال ثبات الاختلاس أو التقصير فإننا سنقوم بإصدار مذكرات توقيف بحقهم، فوافق على هذا الشرط ، إلا أنه لم يستمر بترشيحه الى وزارة العدل في الحكومة المؤقتة وجرى تكليفه برئاسة مجلس قيادة الثورة 

٤ – حاول جاهداً خدمة الثورة ، وإجراء مشاركات حقيقة مع كافة قوى الثورة ومنها هيئة قوى الثورة بحلب، التي كنت أنا عضواً في هيئتها السياسية لكن مرضه المفاجئ حال دون ذلك 

علماً بأن ممثل الأمين العام للأمم المتحدة “ستيفان دي ميستورا” طلب لقاء هيئة قوى الثورة تحت عنوان ” تجميد الصراع في حلب ” دون بنود وجدول زمني واضح ولكننا اعتذرنا  كهيئة قوى الثورة عن لقائه وكلفنا الاستاذ قيس الشيخ بتمثيلنا في هذا اللقاء حيث تبين له مراوغة دي ميستورا

٥ – علمت أنه تبرع لمجلس قيادة الثورة بقيمة كتاب كان قد ألفه ولما مرض لم يسأل  أحد عنه.

في الخلاصة :

الاستاذ قيس الشيخ رجل من رجالات الثورة السورية قدم لها الكثير وكان مثالاً يحتذى به شافاه الله وعافاه 

وأقول له : اخي واستاذي قيس الشيخ المحترم كن مطمئناً فلا يضيع العرف بين الله والناس

 

وسألنا عنه الأستاذ المحامي ياسر العمر فقال معرفاً فيه:

قيس عبد الله الشيخ   ولد في مدينة دير الزور عام 1943، درس في البدء في كلية الطب إلا أن حبه للحقوق جعله يترك الطب ويلتحق بكلية الحقوق بجامعة دمشق وبعد تخرجه منها التحق بسلك القضاء وتدرج في المراتب القضائية الى ان وصل الى محكمة النقض العليا ,وعمل في التفتيش القضائي على محافظات الرقة والحسكة ودير الزور  ومن ثم نقل الى إدارة التشريع في وزارة العدل السورية ثم مديرا لادارة التشريع . الى ان احيل الى التقاعد . ومن ثم تعاقد مع سلطنة عمان وشارك في إعداد بعض القوانين فيها وكان مستشارا لوزير العدل العماني . 

ومن مؤلفاته القانونية :  “النظام الداخلي لوزارة العدل والقوانين القضائية”  “لماذا التشريع المأخوذ من الشريعة” “كراس قواعد التبليغ” “شرح قانون الكتاب بالعدل” ( وجميع هذه المؤلفات نشرتها وزارة العدل واعتمدتها كمراجع أساسية في عملها ) . 

أما أهم مؤلف له وهو مميز عن المرأة “المرأة في الشريعة الإسلامية والحقائق الغائبة”.

كما ان منظمة اليونيسيف اعتمدت بعضا من كتبه وطالبت بتعديل بعض القوانين السورية على ماكتبه وهي “سن الحضانة بين الفقه والقانون ومقترح للتطبيق” و “سن المساءلة الجزائية بين الشريعة والقانون المقارن”  و”بحث ميداني حول واقع مراكز الملاحظة ورعاية الأحداث في سورية”

ومن نشاطاته في المحافل العربية : 

 

  • كان ضمن وفد وزارة العدل السورية  الذي شارك في جميع اجتماعات مجلس وزراء العرب
  • شارك في اجتماعات المسؤولين عن تأهيل وتدريب القضاة في الدول العربية
  • شارك في الندوات التي أقامها المركز العربي للبحوث القانونية والقضائية في الخبرة والمعلوماتية

 

أما نشاطاته في المحافل الدولية :  

 

  • شارك في مؤتمر إقرار نظام المحاكمة الجنائية الدولية في روما 
  • شارك في اجتماعات لجنة منع الجريمة والخاصة بوضع اتفاقية لمنع تهريب اللاجئين والأسلحة النارية
  • شارك في الفرق العاملة في إطار لجنة القانون التجاري الدولي التي وضعت القانون النموذجي لوسائل التبادل الالكتروني للبيانات أو الإعسار عبر الحدود

 

وكان انتماؤه السياسي قديماً للوحدويين الاشتراكيين  إلا أنه ترك العمل السياسي وتفرغ للعمل في مجال القضاء والقانون . 

عند انطلاق الثورة السورية التحق فيها مبكرا وكان في الصفوف الأولى مع مظاهرات المحامين في دير الزور . واعتقل في البداية وافرج عنه . وبقي مستمرا بركب الثورة وكان من الناشطين فيها  . وتم تسميته وبشكل توافقي من ائتلاف المعارضة ليشغل منصب لمنصب وزير العدل في الحكومة السورية المؤقتة برئاسة أحمد طعمة . 

الا انه وبنفس اليوم الذي سمي فيه بالوزارة كلف برئاسة مجلس قيادة الثورة واعتذر عن العمل في الحكومة السورية المؤقته باعتبار أن مجلس قيادة الثورة هو الذي يعمل في الداخل  وهو المعول عليه لتمثيل للشعب السوري تمثيلاً حقيقياً. إلا أنه وبعد أيام قليلة من استلامه المنصب أصيب بجلطة دماغية ولا يزال طريح الفراش .

 

أما عن شهادته بالمستشار قيس فقال:

من يجلس ويستمع لحديثة لايمل منه ويتمنى ان يطول كثيرا

عرفت الأستاذ قيس الشيخ جيدا منذ عملي في القضاء ومن ثم في المحاماة فقد كان مرجعا قانونيا لنا في جميع الأمور القانونية . نلجأ إليه عندما تصعب علينا مسألة قانونية، وكان مكتبه مفتوحا للجميع يستقبل الجميع برحابة صدر يقف مع المظلومين و يناصرهم، ويذهب معهم لبعض القضاة عارضا مشكلة هذا المظلوم وفي الغالب كان يقنع هذا القاضي لإحقاق الحق لهذا المظلوم . أقام عدة محاضرات في القصر العدلي بدير الزور بصالة نقابة المحامين . كان متكلما وسريع البديهة. ويشعرك عندما يبدأ بحديثه في مسألة قانونية وكأن الكتاب القانوني مفتوح أمامه . واثقا في شروحاته  ملما في جميع القوانين حافظا معناها عن ظهر قلب . وكان دائما مميزا في أجوبته عن أي أمر يتم مناقشته سواء أكان في القانون أو في غيره، أي أنه واسع المعرفة في كل الاختصاصات. 

عُرف بالنزاهة بعمله وأذكر في أحد المرات كان قد قصده أحد أقربائة من ملاك الأراضي والمتنفذين في مدينة الميادين شرق دير الزور، والذي كان له قضية في محكمة النقض بدمشق  وأحرج من هذا القريب وذهب معه الى رئيس غرفة محكمة النقض والذي كانت القضية بين يديه، وكان هذا القاضي يعرف نزاهة الأستاذ قيس فقال له تفضل هذه الإضبارة بين يديك فاكتب القرار الذي تقتنع فيه، وأنا أوقع عليه، إلا أن الأستاذ قيس قال له أعتذر عن الكتابة وأن من جئت معه لايستحق ان يكسب هذه القضية،  وحدثت مشادة كلامية بينه وبين قريبه وهذا يثبت أن الأستاذ قيس عند الحق لا يحابي أحدا. 

كان دائما ميالا لحقوق المرأة في المجتمع ونصيرا لها في كل المحافل، من يجلس ويستمع لحديثة لايمل منه ويتمنى ان يطول كثيرا لكونه  أستاذا جامعا لكل الأمور .

شاهد أيضاً

عبد القادر عياش .. تاريخ مدينة

عبد القادر عيّاش باحث ومؤرخ وأديب وصحفي ومحامي وقاضي سوري، نشر أكثر من 117 بحثاً …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *