اختلفت عادات الزواج اليوم عما كانت عليه قديماً وفي الريف تختلف عما هو عليه في المدينة، ففي محافظة دير الزور يسبق زفاف العروس إلى عريسها الكثير من الخطوات والمراحل التي لا بد منها، ومنها “الحوافات” المرحلة المهمة والمميزة بالألفة والمحبة والمشاركة في الفرح.
«يسبق يوم الحنة يوم “الحوافات”، و”الحوافات” فتيات في مقتبل العمر يذهبن إلى بيوت الفتيات من قريبات العريس والعروس، وعندما يطرقن الأبواب يقلن “أعطونا عمر بنتكم” أي وجوب حضور بنتكم يوم الحنة، وفي يوم الحنة تذهب الفتيات بموكب حاملين على رؤوسهن أطباق الحناء والعطور والشموع، وعندما يصلن بيت العروس يبدأن بنقش الحناء بفنية ومهارة لتتشكل صورة في كف العروس، وكذلك تحنى المدعوات معها وتبقى العروس أسبوعاً بلا عمل قبل يوم الزفاف، حيث يقال لها “ايديكي محناية”».
إحدى سيدات دير الزور قالت: كان -ومازال- للزواج في محافظة “دير الزور” ميزاته الخاصة، لما يحمله من مراحل ممتعة وخطوات مميزة تدل على الألفة والمحبة بين أهالي المنطقة، وذلك من خلال مشاركتهم في أفراح بعضهم بعضاً، ومن طقوس وعادات الزواج المميزة في المنطقة ما يسمى “الحوافات”، ولهم دورهم المهم في نشر الخبر بالمدينة والدعوة الشفهية لحضور الزفاف، وذلك في زمن لم تكن تتوافر فيه وسائل الاتصال الحديثة، حيث كانت تجتمع صديقات العروس أو المقربات، وقد كانت عادة رائعة وأنا شاهدتها بأم عيني، حيث تجلس صديقات العروس على كرسي ويمسكن بالدفوف ويرددن بعض الأهازيج، ومن ثم يلتففن حولها مثل دائرة ويرافق ذلك الرقص والتصفيق، وبعدها يتركن العروس لتبدأ مهمتهن بنشر الخبر، ولا يتركن بيتاً في المدينة إلا ويدخلن إليه، وهي من العادات المتواجدة في المدينة والريف، فقد كانت من الذكريات الجميلة والعادات الرائعة».
وتابعت: «صحيح أن الزواج في وقتنا الراهن أصبحت مراحله وخطواته مختصرة وسريعة، إلا أننا مازلنا نحافظ على بعض هذه العادات مثل: “الحنة، والسياق، وحدرة الجادة، والنقوط”، ولم نتخلّ عنها رغم عصر السرعة الذي نعيشه، ولكن للأسف مرحلة “الحوافات” في الزواج قلة من يمارسنها في المحافظة هذه الأيام، وتم استبدالها والاكتفاء بالدعوة الشفهية عن طريق الهاتف أو بإرسال البطاقات الخاصة بالزفاف أو الإعلان عن الزفاف في الجريدة وغيرها من الأمور الحديثة المستخدمة».
أما الأستاذ “كمال الجاسر” فقد شرح معنى وسبب تسمية “الحوافات”، فقال: «تعدّ “الحوافات” من الخطوات المهمة سابقاً قبل حفل الزفاف لما تحمله من دلالات اجتماعية مهمة، فإضافة إلى الدعوة الشفهية عن موعد الزفاف، هي فرصة للنساء لدخول بيوت لم يدخلن إليها من قبل والتعرف على بعضهم بعضاً، وأيضاً نوع من الاستكشاف والبحث إذا كانت هناك فتيات جميلات في سن الزواج لكي تتم خطبتهن بعد انتهاء هذه المهمة، وكلمة “الحوافات” يمكن شرحها من خلال بيت الشعر:
“أنا لوما الحيا لاجيك بالليل / شبه ذيبٍ يحوف الغنم بالليل”
أي يدور حول الغنم لينقض على إحداها، فإذاً “يحوف” يدور و”يلوب” لأمر ما، وهي كلمة ديرية أصولها فصيحة، فـ”الحوافات” يمكن تفسيرها بأنهن صديقات العروس والمقربات اللواتي يدرن لدعوة “المعازيم” وإجراء عملية البحث، وقد شهدناهنّ أيام ندرة الهواتف وغياب بطاقات و”كروت” الدعوة التي ظهرت حديثاً، ويمر الزواج الشعبي في “دير الزور” بالكثير من الخطوات و”الحوافات” هي الخطوة أو المرحلة الرابعة، فأول مرحلة تسمى “الخطابة” وهم الجماعة الذين تقع على عاتقهم مهمة البحث عن العروس، ومن ثم مرحلة “الخطبة” وتعد من خلالها كافة المستلزمات لإجراء السبر اللازم للعروس من النواحي الجسدية والعقلية، وبعدها “مشية الزلم” لتحديد موعد الزفاف، ومن ثم يأتي دور “الحوافات”».
ملاحظة: الصورة تعبيرية ليست في محافظة دير الزور