الشيخ صالح موسى الهيال

 

 

ولد الشيخ صالح الموسى في قرية والده قطعة البوليل عام 1906 , حيث تربى في كنف والده الشيخ موسى الصالح أبو الهيال , الذي اشتهر بالكرم والعطاء في سنين الجوع والغلاء وكان بيته ملاذاً لكل معوز ومحتاج من البدو والحضر.

عرف الشيخ صالح الموسى منذ نعومة أظفاره بالفطنة والذكاء الشديدين إضافة إلى ماورثه من أبيه من الكرم والشجاعة والهيبة وقوة الشخصية , تولى الشيخ صالح الموسى مشيخة عشيرة البوليل بعد وفاة والده عام 1956 , وكان يحضى بمحبة واحترام عشيرته بشكل كبير لما تميز به من الكرم والعدل بين أفراد العشيرة حيث كان صارما حازما لاتأخذه في قول الحق والدفاع عنه لومة لائم.

كان الشيخ صالح رحمه الله عارفة مشهور يحتكم إليه أبناء عشيرته في حل مشاكلهم , كما يأتيه المتخاصمين من كل المنطقة خارج عشيرته وكان لايخرج من عنده الخصوم إلا وهم راضين بحكمه . كان له دور كبير في سن الكثير من الأعراف والقوانين التي دعت لها الضرورة في عشيرته، حيث قام بمنع التدخين والذبح في التعازي، ووضع قوانين للعشيرة فيما يتعلق بالودي في حوادث السير وماشابه من الأشياء التي استجدت. توفي عام 1989، وخلفه من بعده ابنه الأكبر الشيخ فرهود الصالح الهيال، الذي ورث عنه الكرم والذكاء والحكمة وكان أيضا عارفة تحتكم لديه أبناء العشيرة وغيرهم.

توفي الشيخ فرهود نهاية عام 2013، ويعتبر محله الآن ولده المهندس مطشر الفرهود الهيال، الذي عرف برجاحة العقل بين أصدقائه وأقرانه، فحاز على محبة زملائه وأصدقائه ومن تعرَّف عليه.

وكتب عنه محمد حمد المصلح (النجرس)

الشيخ ابوالهيال

( حي الموت حيه )

الشيخ صالح الموسى ابو الهيال

(١٩٠٣ – ١٩٨٩م)

 

عيـالـك يأبـو الـهيـال كلـهـم يذبـحـون

وتـأمــر علـى الـذبـاح هــات الجـذايــب

ومرت سنين الجوع مو قول اليقولون وصاحبهم يشكي الضيم من حر اللهايب

وحتـى الحـديـد يكــل بيـد اليكــسرون يامــفـشـكــيــن الـروس والمــخ ذايـــب

وديـوان أبو فـرهود يـالـلـي تـمثـلون

وشــما قــلــت بــه يا صـاحبـي صـايــب

حــدب الصـيـانـي بـه زلــم يـنـقـلـون

تـــدرع بــها الجـهـال وشـــب وشـايــب

 

الشيخ المرحوم صالح الموسى

أبو الهيال

من أجواد العرب وشيخ اصيل من حمولة عريقة اصيلة في وادي الفرات كله

معروف بكرمه وعطاءه وحلمه ومحبته للناس وعطفه على الفقراء والمحتاجين

وهو شيخ عشيرة البوليل والابن الأكبر للشيخ موسى أبو الهيال رحمة الله عليهم جميعا.

والبوليل جزء من قبيلة العقيدات حسبا

ونسبا من قبيلة شمر

 

وقد كان الشيخ موسى أبو الهيال ذائع الصيت في البادية والفرات وفي المنطقة العربية كلها حتى أصبح مضرب للمثل بالجود والكرم عند العرب ومن ذلك اخذ لقب ابو الهيال

ان الشيخ صالح الموسى ابوالهيال

قد تربى على مكارم الأخلاق في بيت عز وكرم وشرف ونخوة ومروءة

فورث عن أبيه مكارم الأخلاق

من عطاء وسخاء وإيواء الفقراء والمساكين واليتامى وإطعام الجياع وإنصاف المظلوم

وكان رحمه الله ذكيا فطنا حليما

وعندما كان عمره أربعة عشر عاما

نزلت حملة عسكرية تركية بقيادة ضابط تركي وذلك في نهاية الحرب العالمية الأولى عندما طلب الضابط التركي من الشيخ موسى أبو الهيال بأن يجمع له المال وشباب عشيرته حتى يتم سوقهم إلى جبهات القتال , فرفض أبو الهيال مطلب الضابط التركي الذي هدد أبو الهيال بالشنق إذا لم ينصاع لمطالبه , وعندما رأى إصرار أبو الهيال عقد محكمة ميدانية وقرر إعدام أبو الهيال شنقا حتى الموت فنصب المشنقة في ساحة البيت وقام العسكر الأتراك ليقتادوا

أبو الهيال فزجرهم ورفض أن يقوده أحد ومشى لوحده إلى المشنقة بخطى ثابتة وإيمان قوي محتسبا الله في محنته هذه وقال كلمته المشهورة

( حي الموت حيه )

مما اذهل جلاديه , وإذا بهذا الإبن البار الشيخ صالح الموسى ابو الهيال يبث الحماس بين أبناء عمومته وعشيرته لرفض الحكم الظالم وخلاص والده , عندها تسابق فتيان ورجال عشيرته وأنزلوا المشنقة وكان على رأسهم المرحوم

رجب الموح وهددوا الحاكم التركي بالقتل مع حملته إذا لم يعدل عن حكمه مما اضطره إلى التراجع عن مطالبه وحكمه فآثر السلامة لنفسه ولجنوده ورحل بلا عودة .

وكان صالح الموسى يشاطر والده بكل مسؤولياته الاجتماعية والحياتية مما جعل أبيه يعتمد عليه في كل الأمور وفي حل مشاكل الناس وخلافاتهم , وكما هو معروف كان بيتهم في قرية البوليل مشرعا لكل طارق ووافد ليلا ونهارا وكانوا في نفس الوقت يبنون المسوبع في البادية لإيواء المشردين والجياع رجالا ونساء وأطفالا , وذروة كرمهم في سنة الجوع عندما صادر الأتراك أرزاق الناس ولم يبقوا لهم ما يقتاتون به مما اضطر الناس إلى أكل الأعشاب وبعض الحيوانات الميتة

وقد كان آل الهيال يبعثون بعض الرجال للانتشار على الطرقات لإهداء الجائعين إلى مضاربهم وكذلك يوقدون النار طوال الليل أمام بيت الشعر ليصل إليهم التائهين في ظلمة الليل

إن الشيخ صالح الموسى المكنى بأبو فرهود وإخوته وكما هو حال والدهم الشيخ موسى أبو الهيال وأبناء عشيرة البوليل يعتزون بإكرام الضيف ويتمسكون بهذه الصفة النبيلة وهي من ثوابتهم وأولوياتهم , وحالهم كحال كل القبائل العربية إذ يعتبرون الكريم من أشجع الشجعان وهذه الصفة الإنسانية هي ذروة أعمال الخير لأن فيها إسعاف الناس وسد رمق البطون الخاوية وإسعاد الفقراء واليتامى , إذ قال تعالى في كتابه العزيز ” فأما اليتيم فلا تقهر وأما السائل تنهر “. والضيف يفرح ويكون سعيدا عندما يجد من يستقبله بمحيّا جميل ورحابة صدر ووجه مبتسم.

وإن المرحوم صالح الموسى له أعمال جليلة في الخير للناس ومنها على سبيل الذكر لا الحصر

1_ عندما طالب معارف دير الزور بفتح مدرسة ابتدائية في قريته عام 1947 وحين اعتذر مدير المعارف بعدم الإمكانية لفتحها نتيجة لعدم توفر المدرسة ومستلزماتها قال له أنا أؤمن مكان ومستلزمات المدرسة من مقاعد وسبورة وطاولة للمعلم وإقامة المعلم طوال السنة في مضايفه , فاشترى خمسة عشر مقعدا خشبيا وما يتطلبه افتتاح صف مدرسي على نفقته الخاصة وجهز الصف في منزل أخيه الحاج سكر الهيال وتم افتتاح المدرسة في ذلك العام وبعثت المعارف معلم اسمه ( طوير الحسن )

2_ وقام كذلك في عام 1948 بالتبرع من أجل فلسطين بمائة ليرة ذهب وثلاثة بواريد حربية

3_ أول من اقترح منع الأكل والدخان في العزاء مما لاقى ترحيبا واسعا في عشيرته وفي القرى المجاورة

 

وكان محبوبا محترما في الوسط الشعبي والرسمي وله علاقات مودة واحترام متبادل مع أقرانه من شيوخ عشائرالعقيدات وعشائر وادي الفرات وشيوخ عشائر البدو وكذلك علاقات محبة واحترام مع وجهاء مدينة دير الزور رحمهم الله جميعا.

 

توفي رحمه الله عام 1989

وودعته عشائر الفرات كلها

وقال شاعر

 

يـادار رديـلـي جـوابــي وأنــا انـبــاﭺ

ويـن أهـلـج يـادار أهل الفـضـيـلة

ويــن الـبــنـى مـبـنـاﭺ بعــزٍ وعــلاﭺ

وخـلاﭺ من فـوق المبـاني طـويلة

ويـن الـلـي مـن دارج الهـون يحـماج

بكثر السخا وكثر العطا والفضـيلة

ويــن الـلـي مـن طايل الطـيب كـفـاﭺ

وعـلـوم مـابـيـن القـبـايـل نـفـيــلـة

ويــن الـلـي لـو لـفـا الـضيـف مـنـباﭺ

يـذبـح عـلى الضـيفـان دجٍ وحيـلة

ويــن الـلـي دعـــا الــنـاس تـعـــنــاﭺ

ومـن ضـاع حـقه يبينه من جـبيـله

ويــن الـلـي بـربـعـة الـبـيـت زهـــاﭺ

ومسـوبـعٍ يـبـنـاه بـراس الطـويـلـة

وإن قالوا أبـو الهـيال الصـيت يكـفـاﭺ

بـفعـل وطـيـب والنـفـايـل هـويـلـة

عــز الضـيف وعــز مـن جاه محـتاج

واللي لـفوا يشـكون جـل المـﭽـيلة

لاكـلـطــوا صــاع ولاكـلـطــوا بـــاﭺ

وكـل مــن دنـــا بـعــدلــه يـهـيـلــه

بوجـود أبـو فـرهود تـزهـيـن لـلجــاﭺ

مثـل الـورد يزهي بجال الـسـلـيـلة

دعا ارياحـﭻ من الطيب عنبر ومساﭺ

مثـل الهنوف اللي تـرقـب خـلـيـلـه

وإن ﭽـان مـرّﭺ دارج الـبـيـن بـﭼـاﭺ

هــذا الـحــكـم لله مــالـه وســـيـلـة

لاتــزعــلـيــن ولاتــوانــيــن لـعــداﭺ

وزيدي الفـعل بافعال طيب جـليـلة

ولاتجعـلـين البـخـل من حـال مـبـداﭺ

تـرى السخا مثل الجبال الطـويـلـة

يذري بها الخـايـف مـن حال الهــلاﭺ

وألا البخـيل يمشـي بنـفـس ذلـيـلـة

اللـي بيـﭻ من الرجال يكـفون لغـذاﭺ

ولاانـتي بحـاجة للاحـوال الهزيـلة

وإن ﭼـان أبو فرهود بالطيب اكسـاﭺ

كل ظـنـتي بفرهـود يـظهـر مثـيـله

 

 

شاهد أيضاً

دير الزور.. لمعة في تاريخها ((مقال عن مدينة دير الزور قبل نحو 114 سنة ))

بقلم الأديب عبد الكريم نوري أستاذ اللغة الفرنسية سابقاً بلواء دير الزور.. تحرير و تدقيق …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *