هدنة التركي.. معلمة برتبة أم 

في رحلة البحث عن نساء ديريات تميزن وتركن بصمة في قلوب الناس قبل أن تكون بصمتهم في عقولهم، وجدنا مدرسة بحد ذاتها من معلمات دير الزور اللاتي كنَّ مدرسة لكثير من الطلاب الذين تخرجوا ولاتزال صورتها مطبوعة في مخيلتهم.

المعلمة “هدنة التركي”.. معلمة بمرتبة أم لكل من درس في المدارس التي كانت فيها، وتاريخها وشهادات جميع التلاميذ الذين عاصروها تشهد بذلك.

لبنى سلامة صديقة موقع “هنا دير الزور” التقت عائلتها وتركت لهم الحديث عنها بحديث كان أقرب إلى بوح القلوب لفقد عزيز.. وأي عزيز أقرب من الأم التي رحلت وتركت لعائلتها السمعة الطيبة والذكر الحسن الذي خلدها بعد وفاتها رحمها الله.

 

لم يكن بالحسبان أن نفقد أجمل شيء بالكون ولم نتخيل أن يأتي ذلك اليوم الذي نخسر فيه من نحب..

رحلت وتركت الأثر الجميل والسمعة الحسنة..

اليوم وبكل ود واحترام للشخصيات المحترمة التي غابت عن حياتنا واللواتي نتكلم عنهن بحرقة قلب ومنهن المربية الفاضلة المرحومة هدنة التركي

هدنة التركي.. من مواليد ديرالزور ١٩٤٨، خريجة معهد دار المعلمين، كانت مربية قبل أن تكون معلمة، في مدرسة بنات الاولى وعملت كأمينة سر في المدرسة، لتنتقل بعدها إلى “آمنة الزهرية”، وماهي إلا سنوات حتى ذهبت إلى المملكة العربية السعودية “إعارة” فكانت لها بصمة كبيرة وتم تعيينها كمديرة للمدرسة التي كانت تدرس فيها هناك، ولم تتوقف مسيرتها على تعليم التلاميذ بل توسّع عملها لتعمل كمديرة لأحد فصول محو الأمية مساءً لإبلا أن جاء موعد عودتها إلى حضن دير الزور ونبض الفرات الذي كان الحنين والشوق إليها وإليه يشدها في كل لحظة من لحظات الغربة التي عاشتها هناك.

التحقت فور عودتها بعملها لتدرس الطلاب في المرحلة الثانوية وكان لثانوية الفرات “أسدم مدارس دير الزور” وأميزها، شرف أن تكون المربية الفاضلة هدنة التركي أحد كوادر التدريس فيها.

خرّجت الراحلة هدنة التركي.. أجيالاً تشهد لها بالفضل وتُكِنُّ لها الاحترام ووذلك لطيبتها ومودتها في التعامل مع كل طلابها،

كان من طلابها الذين تخرجوا وتتلمذوا على يديها.. الدكتور عامر حمدان، والدكتور عهد شهاب، والدكتور مؤيد شواخ، والدكتورة كوثر الصالح  والدكتورة مها الحسون، والكثير من الطلاب والطالبات الذين صعدوا إلى سلم المستقبل ويحملون عبق العلم الذي أفرغته الراحلة هدنة التركي في عقولهم وقلوبهم.

كانت مثال العطاء والبذل.. وكان الجميع يكن لها الود والاحترام والمحبة الدائمة من المدرسين والمدرسات والطلاب والمدراء.

أنجبت أربعة أولاد هم ” علي ولمى ورشا وعلا”..

كانت الراحلة “هدنة” تساعد طلابها على تخطي الفشل وتحثهم على الطاعة والالتزام بالأدب قبل الدراسة، 

في مثل هذا اليوم.. ارتقت للرفيق الأعلى وصعدت روحها لتلاقي ربها.. اشتقنا لروحك الطاهرة ووقفة شرف لنا جميعا لنودع أرواحا سكنت القبور وتركت لروحنا الاشتياق.

 

لروحها الرحمة .. وكم أنجبت دير الزور من نساء كُنَّ ولاتزلنَ مثالاً يحتذى في الأخلاق والعطاء والتضحية 

 

شاهد أيضاً

عجائب الديريات في بيت المونة

كانت “المونة” فيما مضى ركن أساسي في البيت الديري حيث يخصص غرفة كاملة للمونة تسمى …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *