مخطط الجسر المعلق وصور وثائقية لمراحل الانشاء  في ديرالزور

الجسر المعلق التاريخي في مدينة دير الزور
بقلم رولف بروكشميدت
كان الجسر المعلق التاريخي في دير الزور أنيقاً بامتداده فوق نهر الفرات العظيم، بالقرب من التقائه برافده الخابور في شرق سوريا. لقد جلب هذا الجسر بعض العالمية لمدينة دير الزور عاصمة المحافظة التي تحمل نفس الإسم. أثناء الموسم الثاني لمسوحاتنا الأثرية لـ “أطلس توبينغن للشرق الأوسط (TAVO)” في عام 1977، اتخذنا مركزاً لنا في دير الزور لدراسة تلال المستوطنات القديمة من هنا حتى أعالي الخابور شمالاً.
الجسر المعلق التاريخي في مدينة دير الزور
الجسر الذي بني في الأصل لأغراض عسكرية، استخدم لاحقاً بشكل أساسي كجسر للمشاة .
مخطط للجسر المثبت بالكابلات وفقاً لنظام جيسكلارد، والذي تم بناؤه عام 1925 من قبل غاستون لينكوجيل لو كوك | رسم: م. مارلات | مجموعة ديديه لينكوجيل لو كوك
كنت طالباً في ذلك الوقت وكان لدي اهتمام أيضاً بالحياة اليومية للناس في المدينة. لم يكن للوهلة الأولى لدى هذه العاصمة الإدارية الكثير لتقدمه من الناحية المعمارية، فقد بدت مآذن المساجد القليلة غريبة بعض الشيء، وبدت أكثر سماكة وغلاظة، وكذلك أشد استدارة في قمتها بالمقارنة مع مثيلاتها في غرب البلاد. من المحتمل أن يكون الفن المعماري العراقي قد أظهر تأثيره في دير الزور بشكل واضح.
كان الجسر المعلق هو المشهد الوحيد والمعلم البارز لهذه المدينة النائية. تم بناؤه عام 1927 خلال فترة الانتداب الفرنسي (1920-1946) على سوريا، وظل لفترة طويلة الجسر الوحيد لدير الزور على نهر الفرات، وقد خُصص منذ سبعينيات القرن الماضي للمشاة فقط، حيث تم بناء جسر آخر حديث للسيارات فوق مجرى النهر من قِبل الحكومة السورية.
سافرنا عبر جسر السيارات باتجاه نهر الخابور، ذلك الرافد الغني بالتلال الأثرية القديمة، والذي أصبح مشهوراً بفضل ماكس فون أوبنهايم. عند مغادرة المدينة باتجاه منطقة الجزيرة، يمكن للمرء أن يتأمل الجسر المعلق على اليسار بعين الإعجاب، وكيف يمتد بشكل لا لبس فيه فوق نهر الفرات، وتحيط به الأشجار التي تعد آخر مشهد أخضر قبل البراري.
ثُبت الجسر المعلق بركائزه الأربعة بواسطة أسلاك ثخينة، تمتد من الأبراج وتتقاطع مع بعضها البعض في المنتصف لتشكل عقدة، وهي خاصية مميزة لهذا النوع من الجسور. اخترع ألبرت جيسكلارد (1844-1909) هذا النظام. كان جسر دير الزور الذي يبلغ طوله 460 متراً، الجسر قبل الأخير من نوعه. بتاريخ 17 آب من عام 2013 – كما ذكرت الوكالات – تم تفجيره أثناء الاشتباكات في المدينة والمناطق المحيطة بها.
الجسر بعد تدميره عام 2013
لم يتبق سوى برجين يقفان على جزر صغيرة في نهر الفرات المتدفق ببطء، واثنان آخران بالقرب من الضفة. من دون هذا الهيكل السلكي الأنيق تبدو هذه الأبراج كما لو كانت مفقودة. تم تدمير الأقواس الثلاثة المخرَّمة لكل برج من الأبراج بشكل جزئي، وهي تبدو تقريبًا مثل أبراج الكهرباء القديمة من دون أسلاك، والتي تبرز الآن من خلال نبات القصب الطويل تبعًا لزاوية الرؤية. ومَن يدري ما إذا كان سيتم إعادة بنائها في وقت ما.
عندما عدنا من الجزيرة في المساء بعد استكشاف المنطقة ووصلنا إلى الجسر الحديث، أشار لنا الجسر المعلق على اليمين: لقد انتهيتم لتوكم ووصلتم إلى المنزل. قد يعترض المرء على أنه مجرد جسر، لكنه كان أيضًا معلمًا ثقافيًا في أوائل القرن العشرين ومثالًا لفن الهندسة الفرنسية.

شاهد أيضاً

(ألوان بلا عنوان).. حمام السوق بقلم سمير الحاج

قبل العيد بيوم أو يومين في فترة ما قبل السبعينات من القرن الماضي يتجهز الناس …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *