عبد المجيد مولود ( أبو عماد ).. بقلم تركي جمعة

عبد المجيد مولود تولد دير الزور ( بدير العتيق ) عام 1939 والدته أصلها أرمنيه عاشت طفولتها في قرية المحيميده في بيت شيوخ البكاره من ال البشير ( عند أهل المهندس حمد الجيلات .) كبرت ووعيت على نفسها وهي تتذكر أن لها أخا افترقت عنه وهما صغار
تعرفت على مجود ( الاسم الشهير له ) منذ الصغر في حارات دير العتيق ,مع أطفال اخرين أذكر بعضهم سهيل سالم ورشيد خرابه وفيصل السمير عدنان رحوم محمود تركي الهادي فاروق الحسن مهدي الحسيني وخليل إبراهيم وقاسم طعمه وسلوم حنيدي …
الأعمار متفاونه بيننا بشكل عام . نلتقي بالحارات أو على شط الفرات وبدأنا نفترق عن بعضنا البعض بشكل تدريجي منذ عام 1947 منا من بقي بدير العتيق ومنا من غادرها الى الاحياء الأخرى . ومع ذلك استمرت اللقاءات بننا باوقات متفاوته .
أما مجود وفاروق الحسن فقد تواصلت لقاءاتي بهما في مدرسة صقر قريش الابتدائيه ثم في مدرسة اعدادية الصناعه من عام 1956 ..وازاددت أواصر الصداقه وتعمقت بيننا من خلال هواياتنا الرياضه والكشفيه وفي الرحلات
مجود له ثلاثة اخوه والدهم عامل بسيط اكتسبوا منه حسن الطباع والصدق بالمعامله والامانه وحب العمل
.أريد الان ان أتكلم عن مرحلتين من حياة مجود كانت بارزه جعلته بجداره أن يكون من عداد الرجال الكبار في مدينته
..المرحلة الأولى :
مجود كاخوته يعمل في عطلة المدارس في الصيف منذ صغره لاعانة أهله ولتأمين مصاريف مدرسته .
وقد وقع في موقف تجسدت فيه أمانته التي أنقذت أهالي قريه من قرى الدير من كارثه محققه اريد أن اذكرها بشيء من التفصيل لأنها أثرت فيه وبسلوكه مدى حياته
بعام 1953 كان يبيع حلوبات للأطفال متنوعه يحملها على بسطه فوق صدره مربوطه بحبل على عنقه يتجول بها في السوق وفي الحارات .
واثناء تجواله أمام سوق التجار المقبي في موقع سوق الخيز شرقي قرنة ابن قنبر وجد عند الرصيف كيس أبيض مشدود بحبل جلس بجانبه لاكثر من نصف ساعه ولم يحضر أحد ليأخذه أو يسأل عنه
فتح الكيس ووجد به( مصاري ) كثيره جدا لم يرى مثلها من قبل حملها وذهب لاحد التجار الذي يجلس امام دكانه عندما يريد أن يستريح بعد تجواله . وقال له (عمو أنا وجد ت هل الكيس مليان مصاري وما أحد أجا تاياخذه . وما أعرف شكون أعمل بيه ) وقال له عفارم عليك ياابني أقعد ارتاح وخليك قاضب الكيس بيدك. بلچي يحضر صاحبه ..وجابله كاسة شاي وفرح كثيرا على هذه الضيافة وعلى هذا التكريم …
وانتظرا اكثر من ساعتين وحظر شحص فلاح من اهل الريف ومعه شلاي (دلال ) وهو يصيح وين ابن الحلال الي لقى كيس أبيض يقلنا عليه وابن الريف يصيح بجانبه ويقول يويلي انخرب بيتي وبيت قرايبي
قام صاحب المحل وخرج من دكانه واتجه الى الدلال والفلاح وقال لهما تعالو لعندي . الفلاح صاح باعلى صوته بشرني يابن الحلال الله يبشرك …ورد عليه وهو يضحك تعال الله يحبك ..وساله شو مضيع قلي وقال له يخوي مضيع شقى عمري وعمر قرايبي .. وتكلم بعدها بصوت واطي يخوي مضيع مصاري جثير . 85 الف ورقه معبايه بكيس أبيض نسيت اضعها بالسياره مع غراضي ..وعندما وصلت الجريه فقدتها ورجعت فورا بوجهي لاهون…
وهناالتاجر التفت الى مجود وقال له هات الكيس يمجود وقال للفلاح شوف هذا الكيس ورأسا دك عليه وقال وكاد قليبه يخرج من صدره أي والله هذا هو بيعينه …ورد عليه التاجر شوف الي لقاه هذا الولد ابن الحلال ولم نعرف مقدار المبلغ وخوذ عده بنفسك لتتأكد .وقال والله ماأعده ومسك مجود وقبله بعيونه ورأسه عدة مرات وهو يقول الله يبارك بالبطن اللي جابتك وشكون تريد قللي …هنا بكى مجود من شدة الفرح لأنه وصل الامانه لصاحبها وقا ل له ما أريد شيء ياعمو الله يباركلك بحلالك
وأصر على موقفه ولم يطلب شيء ورجع مره أخرى وقبل عيوبه وراسه وهو يمد يده بالكيس واخرج مبلغا غير معرف مقداره ووضعه في جيب مجود وقال له الله يخليك ويرضى عليك اقبله من عمك .
وبعد أن عرف والد مجود ومكان بيت اهله سلم على الجميع وذهب .
المبلغ في ذاك الزمن يعد ثروه كبيره لمن يمتلكه. لم يحلم مجود تملك جزء بسيط منه ومع ذلك وجد الامانه أكبر من المال مهما كان …
وفعلا بقية صفة الامانه والصدق تلازم حياته بكل معانيعا الساميه ..
المرحلة الثانيه : في النشاط الرياضي
مجود مارس كرة القدم في حارته بالجبيله الفوقانيه التي انتقل اليها مع أهله من دير العتيق وأظهر براعه فريده في الركض . و عندما التقينا في مدرسة الصناعه ومن عام 1957 بدأنا نلعب كرة السله مع زملاء لنا أختارهم معلم الرياضه علاء الدين نيازي بعد قدومه الى الدير من القاهره ,من اهمهم خليل عبسى وداوود نجم ورياض طلفاح وحامد حيو وانطوان أصلو وانطوان نصري وسعيد نصري وجمال جلال وخليل معراوي وشعبان حميدي ويوسف محمود ,واخرين ..
ومجود يتميز عن الجميع بقصر قامته ولون بشرته السمراء ( اسمر بحلاه كما كان يصفه إسماعيل المصلاوي) ونشاطه وروحه المرحه .( ولم يضاهيه بقصرالقامه من لاعبي كرة السله بنادي غازي سوى مصطفى بربندي )
والمعلم علاي يعطي مجود دائما اهتماما خاصا عن الجميع عندما شاهده يتقن لعب كرة القدم وكرة الطائره وكرة السله والاهم العاب القوى وفي مقدمتها الركض ..حتى أطلق عليه لقب (حوده الدراجه)
هذا الحوده حقق اكبر انجاز رياضي في القاهره في تاريخ سوريه والجمهوريه العربيه المتحده التي تمر ذكراها المجيده هذا اليوم 22شباط عندما فاز ببطولة اسيا وافريقيا بسباق الضاحيه 5000 متروسباق 1500 متر و800 متر .. وكان هذا الفوز قد اذهل الجماهير والاعلام وكرم بالمداليات الذهبيه ورفع عاليا علم بلاده
وعندما عاد الى بلده لم يلاقي من التكريم المناسب ولم يتحدث عنه الاعلام ويعطيه حقه الذي يستحق سوى حفلة سمر كرمه بها المعلم القدير علاي نيازي وإدارة نادي غازي اقتصرت على الشاي والكاتو ودعوى على العشاء منا أصدقائه نال منها 50 درهم كباب .
مجود وضع الميدايات الكثيره في اطار من خشب علقها على حائط في بيته بكل تواضع
واكتفي في هذا القدر البسيط من حياته الرياضيه العامره بالنشاط والفوز وخاصة مع فريقه بكرة السله في نادي غازي وفي مدرسة الصناعه في مدينته وخارجها في محافظات الحسكه والرقه وحلب واللاذقيه وطرطوس ودمشق
حياك الله صديقي وأخي الغالي عبد المجيد أينما كنت وعائلتك الكريمه والرحمه على أرواح من توفي من الأصدقاء الاحبه واطال بعمر من بقي على قيد الحياة
وسأقدم بعض الصور لعبد المجيد في مواقع ومناسبات مختلفه

شاهد أيضاً

(ألوان بلا عنوان).. حمام السوق بقلم سمير الحاج

قبل العيد بيوم أو يومين في فترة ما قبل السبعينات من القرن الماضي يتجهز الناس …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *