” لعبة الشگام “.. لعبة المواجهة وقوة التحمل

تشكل ألعابنا الشعبية، توافقية وتناغماً كبيرين بين أفراد المجتمع، فهي الطريقة المثلى للتعبير عن الفرح الذي يملأ نفوس البشر في أماكن وأزمنة مختلفة وبمناسبات متنوعة، فهناك العاب تخص الرجال وأخرى للنساء وكذلك الأطفال لهم نصيب فيها، ومن الألعاب الشعبية التي يلعبها الصبية وحتى مرحلة الشباب الذين هم دون سن العشرين،
لعبة “الشكّام” أي القفز على قدم واحدة وحماية الأميرة من الأسر.
“الشكّام” من الألعاب الشاطئية التي تلعب على ضفاف نهر الفرات، حيث ملاعب الرمال والحصى، وتلعب في فصل الصيف حصراً، ويلعبها الأولاد عند الذهاب لرعي الأغنام بجانب النهر على الأعشاب، وذلك لقلة المراعي في البادية صيفاً، وتلعب على شكل فريقين حيث يرسم مستطيل أبعاده بحدود 15×25 متراً ويوضع خط في منتصف المستطيل ليفصل بين الفريقين، وتوضع قرعة لمعرفة الفريق الذي يختار الأميرة، وتتم القرعة بطريقة المكايلة بالأيدي وذلك بقلب الأيدي على باطن الكف أو على ظهرها مع الانتهاء من ترديد عبارة “كول كول بامية ” بإيقاع معين يحفظه جميع اللاعبين، وهناك طريقة أخرى للقرعة هي وضع قطة صغيرة من شجرة الطرفاء الحراجية بإحدى اليدين والأخرى تكون فارغة ويضع يديه خلف ظهره ويقلبها حتى تستقر في كف إحدى اليدين وعندها يقدم يديه للفريقين فيتم الاختيار فمن يختار اليد التي يوجد فيها عود الطرفاء، يكون هو الفريق الذي يحدد أحد لاعبيه ليأخذ لقب الأميرة، ويحدد أضعف
اللاعبين بالقوة، أي لا يقاوم التدافع
وعن طريقة اللعب داخل الملعب :يقف الفريقان كل في القسم المحدد له داخل الملعب، والفريق الذي تم اختيار الأميرة منه يضعها خلفهم وهم أمامها وهنا يكون هذا الفريق يزيد بواحد عن الفريق الآخر، وهناك حكم للمبارة يأتمر الجميع بأمره ولا يخالفونه، وعادةً يكون من كبار السن الموجودين في منطقة المرعى، فيعطي الحكم إشارة الاستعداد، وهي وضع أحدى الرجلين خلف الظهر ومسكها من الإصبع الكبير للقدم بواسطة اليد المعاكسة، أي إذا كانت الرجل اليسرى فيجب اختيار اليد اليمنى وبالعكس، وهنا يقف جميع اللاعبين ومن ظمنهم الأميرة على قدم واحدة، وتتم الحركة داخل الملعب بالقفز، وبلهجة أهل الدير “يشكم” ومن هنا جاءت تسمية “الشكّام”، وبعدها تعطى إشارة بدء المباراة، حيث يهجم الفريق الأول على فريق الأميرة لايقاعها على الأرض والسيطرة عليها، وكل لاعب يختار له خصماً من الفريق الآخر وكل لاعب يقع على الأرض أو تفلت يده عن قدمه يعتبر خارج اللعبة، ويتم التدافع باليد الحرة أو بالأكتاف، وهنا تبرز قوة اللاعبين الحقيقية، فالفريق الأول يبذل قصار جهده للوصول إلى
الأميرة والإيقاع بها، فمتى وقعت على الأرض ربح الفريق، وهكذا يتم اختيار أميرة مجدداً من الفريق الجديد وهكذا، إلى أن يصل أحد الفريقين إلى مجموع النقاط التي يتم الاتفاق عليها مسبقاً قبل نهاية المباراة ويردد اللاعبون الأهازيج الحماسية والتي كانت تردد أيام الثورات على المحتل الفرنسي، ومن الأهازيج:
“لوهلهلتي هلهلنالج/ طكينا البارود اكبالج/ لوهلهلتي واسمج حسنة/ طك الطوب أحنا امونسنا”،
ولا يجوز لأحد اللاعبين أن يرمي زميله من الخلف بل يجب أن تكون المواجهة من الأمام، وهي من الأمور التربوية للأولاد وتعليمهم المواجهة وليس الغدر والخديعة
لعبة “الشكام” من الألعاب المفضلة عند الأولاد وحتى قسم من الشباب، وهي من الألعاب التي تعتمد على قوة الجسم العضلية، وكذلك تعتمد على الذكاء وشدة الانتباه، لأن أي دفع من قبل الخصم دون تمركز من اللاعب المقابل، تكون فرصة الوقوع على الأرض أكبر، أما إذا كان منتبها، ويعرف كيف يحرك جسمه بمرونة، فهنا يتفادى الوقوع على الأرض والخروج من دائرة الأقوياء
هي من ألعاب التحمل وتعتمد على القوة العضلية، فوقوف اللاعب على قدم واحدة والقفز عليها طوال فترة المباراة تجعله من الأقوياء في هذه اللعبة، وهناك تصنيف للاعبين حسب عمرهم، فاللاعبون الكبار يلعبون مع بعضهم والصغار كذلك، أي يجب أن تكون هناك توافقية بين الفريقين، وهذا ما يشبه التصنيف في ألعاب الملاكمة والمصارعة، حسب الوزن، ولكن في لعبتنا يكون الفرز تقديرياً.
بقلم محمد الحسين لموقع إي سيريا

شاهد أيضاً

عجائب الديريات في بيت المونة

كانت “المونة” فيما مضى ركن أساسي في البيت الديري حيث يخصص غرفة كاملة للمونة تسمى …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *