اقتصاد دير الزور.. الماضي والواقع والمستقبل

الاقتصاد.. كلمة قد تبدو بسيطة في النطق ولكنها معقدة في تلافيفها ومدخلاتها وتبنى على أساسها دول وتنهار أخرى..

تحدّثنا مع الدكتور محمد إقبال الخضر المدرس السابق في كلية الاقتصاد / جامعة دمشق + مدرب في مجالات التنمية البشرية والإدارية – محاضر في معهد الفتح الإسلامي – كلية الاقتصاد والمصارف الإسلامية. دمشق، و مدرب تنمية بشرية في تركيا من عام 2013 – عام 2016، والذي يعمل حالياً في وزارة التنمية الإدارية والشؤون الاجتماعية والعمل – معهد الإدارة العامة في العاصمة القطرية الدوحة، وكان محور الحديث عن الواقع الاقتصادي لمدينة دير الزور.. ومستقبله.

يقول الدكتور محمد إقبال إن ثروات دير الزور هائلة ومجهولة وللأسف الشديد الناس تستثمر فقط في المجالات التقليدية ولم تساعد الحكومة على أن تستثمر ثروات دير الزور بشكل صحيح،

زراعياً: أكد الدكتور أنه لم يعمل في الزراعة سوى أبناء الريف، ولكن هذه الزراعة لم تأتِ بنتائجها المطلوبة وذلك لاعتمادهم على زراعة القطن والقمح، وذلك بعد صدور قرار من القيادة القطرية عام 1970 بمنع زراعة الأشجار المثمر بحجة أنها تستنزف مياه نهر الفرات، ويتساءل الدكتور محمد إقبال: “كيف للقطن ألا يستنزف الماء، والأشجار هي التي تستنزف فقط”.

 

وانتقل ضيفنا إلى الحديث عن هجرة أبناء الريف لأرضهم ولاسيما بعد الوظيفة أو بعد صغر المساحات التي تكون قد قسمت على الورثة ولاسيما مع كثرة أعداد الأولاد الذين تذهب إليهم الحصص، فيكون المردود قليلاً ما يدفع ابن الريف لبيع الأرض والانتقال إلى المدينة، أو الهجرة والعمل في دول الخليج أو لبنان.

 

صناعياً: يرى الدكتور أن دير الزور لم تشهد أي ثورة صناعية وأن كلاً من معملي الغزل والورق في دير الزور خاسران بكل المقاييس، ولا تعود إيراداتهما لأبناء دير الزور بل تذهب إلى الحكومة.

 

تجارياً: قال الدكتور محمد إقبال: “إن دير الزور تابعة كلياً في المسائل التجارية لحلب ودمشق، وليست مستقلة، ودير الزور لاتحوي مستوردين ولامضاربين ولا يوجد فيها أي فرص تجارية جديدة، مع أن نسب النمو السكاني بدير الزور يعتبر الأول في سوريا، ورغم ذلك لم نر خلال الخمسين سنة الأخيرة ظهور أي تاجر ديري يورد لسوريا أو حتى لدير الزور، على عكس ماكان واضحاً من سيطرة لتجار حلب ودمشق، ومؤخراً اللاذقية وحمص فقد ظهرت فيها شخصيات تجارية تعتبر الأكبر ولاسيما في الفترة الأخيرة.

 

واقع دير الزور الاقتصادي تحدث عنه الدكتور محمد إقبال بحرقة وقال: بعد انطلاق الثورة انتكست المحافظة فوراً لأن وضع دير الزور الاقتصادي مرتبط ارتباطاً كلياً بيد الدولة، فالموظفون يأخذون رواتبهم من الدولة، وحتى المزارعين يأخذون البذار من الدولة ويبيعون لها، وهذا ما أدى إلى ظهور الفقر والجوع مباشرة في دير الزور، وبدؤوا يفكرون بالنزوح وعلينا ألا نلومهم، وذلك لأن تصرفهم هو التصرف السليم.

 

مدينة دير الزور كان واقعها سيئاً قبل الثورة.. ولكنها الآن مدينة مدمرة ولا يوجد فيها مقومات الحياة فإن توقفت الرواتب مات الجميع من الجوع.

 

أما عن مستقبل دير الزور فقد رأى الدكتور محمد بعد اعتذاره لنظرته المتشائمة والقائمة على نظرة علمية بحتة “فيها من الثروات الهائلة التي لا تستطيع حتى الدولة من استخراجها، وحتى إن أرادت فلن يسمح لها بذلك، وكشف أن المنطقة الممتدة بين البادية والدير الزور وصولاً إلى الأنبار في العراق، تحوي ثروات معدنية نادرة وغالية جداً وتستخدم في الصناعات الدقيقة وفي الإلكترونيات، ولايمكن استخراجها إلا بإمكانات تقنية وعلمية عالية، بعيداً عن النفط والغاز التي يتحدث عنها الجميع، وهو ما شكل صراعاً بين أمريكا والصين على المنطقة، فالصين موجودة في المنطقة بمستشاريها وتقوم بالدعم غير المرئي  للحكومة طمعاً بما فيها من هذه المعادن، وبالمقابل وجود الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة لم يكن في يوم من الأيام من أجل النفط والغاز، ورأى أنه في المستقبل المنظور ستبقى الفوضى في سوريا عموماً مستمرة، وفي دير الزور التي تعتبر نقطة الصراع التي تحوي على ثروات خرافية، فإن استخرجت ستكون تغييراً جذرياً في مستقبل المنطقة، ولكنه عاد ليقول “أنني أرى أنها لن تستخرج إلا بعد حرب كونية، ولا أرى أن عودة أهالي دير الزور ستكون قريبة، وختم بأن يأمل أن تكونه نظرته غير صحيحة رغم تأكده منها.

 

 

 

 

شاهد أيضاً

(ألوان بلا عنوان).. حمام السوق بقلم سمير الحاج

قبل العيد بيوم أو يومين في فترة ما قبل السبعينات من القرن الماضي يتجهز الناس …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *