قرية اللقى الأثرية.. في تل بقرص

 

تربع على الطرف الجنوبي من ضفاف الفرات ليقابل مصب الخابور عبر آلاف السنين الماضية مشكلاً قرية نموذجية تعتبر مثالاً للقرى التي تعود للعصر الحجري وفيها يكمن سر جمالية تل “بقرص” الأثري.

 

واكتشف التل الهولندي “فان لير دوكونتسون”، وأجرى فيه سبراً تبين منه أن طبقة الاستيطان البشري تضم /8/ مراحل استيطان وتبلغ سماكتها 5م.

 

كما دلت اختبارات الإشعاعات الفحمية على أن الاستيطان بدأ حوالي عام 6400 ق.م واستـمر إلى حوالي5900 ق.م وتغـطي بقايا آخر مرحـلة مساحة أبعادها 275×100م تقريباً، والتنقيب في التل بدأ في عام 1976».

 

أما عن إنشاء هذه القرية في هذا الوسط الجاف فلم يسكن تل بقرص منذ العصر الحجري الحديث، وتعرضت قمته خلال 8000 عام لعوامل الحت حتى ظهرت أحياناً أرضية المرحلة الأخيرة في الاستيطان على السطح مباشرة، ويبدو أن القرية بنيت حسب مخطط محدد فالبيوت متلاصقة وتؤلف صفاً على كل من جانبي الشارع أو الساحة، وأغلب البيوت من الشمال الشرقي موجهة نحو الجنوب الغربي، والبيوت الفردية تتبع مخططاً موحداً،

يضم البيت ثلاث غرف طويلة ويتراوح حجمه من12×10م إلى 7×7م ويصادف أحياناً وجود بيوت ذات مخطط طولاني 14-15م، والعرض 5-6م.

 

وكشفت تنقيبات 1976-1977 عن 188 بيتاً كشفاً كاملاً أو جزئياً، وجدت أرضية البيوت في قمة التل على السطح أو مباشرة تحته، الجدران مبنية من اللبن المجفف تحت أشعة الشمس والمرصوف طولاً وعرضاً على التناوب، وتضم قواعد الجدران حتى 13 مدماكاً من اللبن، وقد ملئت الفراغات بخليط من الأنقاض السابقة لبناء الأرضيات الجصية، البيوت على المنحدر الجنوبي الغربي من القمة محفوظة بشكل أفضل يبلغ ارتفاع ما تبقى من الجدران أحياناً 1.70م، أما الجدران والأرضيات فمكسوة بالطين أو الجص ومدهونة في بعض الأحيان بالمغرة الحمراء.

 

وبالنسبة للقى والصناعة في التل.. نرى أن القمة هي الأكثر غنى باللقى مما كان متوقعاً، إلى جانب الأدوات الحجرية والعظمية وجدت كمية من الأواني الفخارية، ودمى حيوانية وبشرية من الحجر والعظم والطين، فالأدوات الحجرية مصنوعة غالباً من الصوان والمادة الأولية مأخوذة من هضاب الفرات المجاورة أو من مكان آخر يؤلف الأوبسيدن 7% من مجموع الأدوات وهو مستخدم في صنع النصال الصغيرة.

 

ويوجد كمية كبيرة من كسرات الأواني الفخارية تسمح بتمييز شكلين رئيسيين من الأواني الأول مفتوح والثاني شكل مغلق والجوانب محدبة أو مخددة ويتراوح القطر بين 10-30سم السطح مصقول أو مطلي بالورنيش أو مدهون باللون الأحمر ثم بالورنيش.

 

والأواني الحجرية الأكثر غزارة من الأواني الفخارية وهي عبارة عن الزبادي مستديرة القاعدة وصحون صغيرة وأوعية على أربعة قوائم مصنوعة من الألباستر أو الصوان أو الديوريت أو الحجر الأخضر، أما الأواني البيضاء فيمثلها عدد قليل من الأواني الكاملة وعدد كبير من الكسرات معظمها ذات سلال أو أحواض واسعة مصنوعة بضغط من الجص الطري داخل سلة وبعد أن يجف الجص تنزع السلة، ووجد القليل من الطواحين والكثير من حجارة الحك وهي مصنوعة من الصوان وتستخدم في جرش الحبوب.

توجد أشكال متنوعة من الدمى والحلي، أهمها رأس رجل من الطين وامرأة جالسة، دمى الرجال والنساء من العظم، ثور من الألباستر، الحلي الشخصية تشمل غالباً اللآلئ والحلق بأشكال متنوعة، حيث وجدت آلاف اللآلئ من الصدف والحجر في بيت واحد.

 

 

شاهد أيضاً

الجسر المعلق الصغير.. ما لايعرفه أبناء دير الزور عن محافظتهم

نشرنا يوم أمس سؤالاً حول مايعرفه المتابعون من أبناء دير الزور عن جسور المحافظة بشكل …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *