الطب العربي بدير الزور.. الطبيبة خضرة الدكماوي

بقلم الدكتور: مناف الرِّفاعي

الطَّبيبة العربيَّة خضرة شهاب الأحمد الدَّكماوي زوجة الحاج عبد الله السَّلامة الرِّفاعي الدَّكماوي من قبيلة طيء، جدَّتي لأبي، عملت في مجال طبِّ الأعشاب والطِّبِّ البديل قرابة الخمسين عاماً، وقد أخذت الطِّبَّ عن حماتها فضَّة عطيَّة جمعة الجاسم القبَّان الجيَّال العاني، كانت تسكن في حيِّ الجبيلة، وقد ذاع صيتها في هذا المجال حتَّى أخذ المرضى يأتونها من كلِّ حدبٍ وصوب، ليس فقط من مدينة دير الزُّور بل تعدَّاها إلى ريف الميادين والبوكمال وكذلك الرَّقة والحسكة وريفهما.

عالجت الكثير من الأمراض وكانت تُصنِّع بعض الأدوية على يديها، كالسَّقوة وهي عبارة عن مواد تأتي بها من العطَّار خلُّوف الأسمر وغيره تضمُّ أكثر من ستِّين مادَّة منها ( الإبهل ولسان الطَّير، والزَّعفران الأصفر، والزَّعفران الأحمر، وحصى البان، والزنجبيل وغيرها…) تقوم بعجنها بالتَّمر وتُدخَّن بالهيل المحمَّص، وتعصَّر على شكل كبيبات، تعطى للمريض بعد حلِّها بالماء للالتهابات الأمعاء، وكان الكثير من المرضى يأتون خصِّيصاً طلباً للسَّقوة.

كما كانت تصنِّع العنيَّة ( وهي خلطة من النَّخالة تعجن بالماء وتدفَّى على النَّار) لخفض حرارة رأس الطفل أو جسمه.

كما كانت تعالج الأطفال من نزلات البرد ممَّن كان في صدرهم حشرجة حيث تضع جريدة تثقبها بإبرة وتدهنها بزيت الزَّيتون وتلفُّ بها صدر الطِّفل، وبعد ساعة تأخذ قليلاً من حجر الشَّبَّة تكسره بأسنانها وتمجُّ به بفم الطِّفل ليستفرغ قشع صدره كلِّه.

 

واستخدمت نبات الحنظل إلى خَفض مستويات سكر الدم، كما استخدمت الأخضر منه لعلاج الإكتام، فإذا دعسها أحدهم أسهله، كما عالجت الحروق من الدَّرجة الأولى والثَّانية بأن تأخذ ريشةً وتدهن المكان المصاب بزيت الزَّيتون، ثُمَّ تذرُّ فوقه مطحون الصَّخر الأبيض البرِّيق حيث يُشفي ويُعيد للجلد لونه الطَّبيعي،

استخدمت الحرمل كمادةٍ مُخدّرة، واستخدمت بذور الحرمل في التَّقليل من مستويات السُّكر والدُّهون في الدَّم لدى مرضى السُّكري، وللصباغ، كما استخدمته لخفض حرارة الجسم ولاسيَّما عند الأطفال، واستخدمت حبَّات جوز الطِّيب مع الكمُّون لعلاج انتفاخ الأمعاء، ويساعد تنشيط الأمعاء على القيام بعملها وطرد الغازات خارج الجسم، واستخدمت العسل لاضطرابات المعدة والأمعاء،

كما استخدمت جوزة الطِّيب في تكوين مراهم ودهون خاصَّة بأمراض الرُّوماتيزم وآلام العظام، في تفتيت حصى الكلى، كما استخدمته مع الحليب لاسترخاء الجسم والنَّوم لدى الأطفال، وعالجت لدغات العقرب بالماء والملح، أو عجن تمرات مع السُّكر والملح والمرَّة وتُضمِّد به مكان الإصابة.

وقد ذكر لي بعض الأصدقاء أنَّ ابنةً له عمرها أربعة عشر عاماً أصابتها بليَّةٌ (انتفاخ كبير في البطن) وراح جسمها يهزل، وقد حيَّر الأطباء أمرها آنذاك، فجاء بها إلى جدَّتي حيث أعطتها شربةً من دواءٍ جعلتها تستفرغ بشكلٍ كبير ليخرج من أمعائها أكياسٌ وخليَّاتٌ من الدُّود، فتعافت من وقتها.

كما استخدمت الكثير من الأعشاب في العلاج كالشيح والبابونج واليانسون والعاكول والميرمية والنعناع والقرَّاص والهندبَّاء والعفص وقشر الرُّمَّان وأوراق الكافور والخردل والخلَّة والسَّعتر البرِّي وغيرها.. توفّيت في الثّاني عشر من شهر حزيران من عام 1981م عن عمرٍ جاوز التّسعين عاماً…رحمها الله وطيَّب ثراها وجعل الفردوس مأواها.

 

 

شاهد أيضاً

(ألوان بلا عنوان).. حمام السوق بقلم سمير الحاج

قبل العيد بيوم أو يومين في فترة ما قبل السبعينات من القرن الماضي يتجهز الناس …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *