حقبة من تاريخ دير الزور.. حكومتا حج فاضل والفترة البريطانية

حكومة الحاج فاضل الأولى

 

دبت الفوضى في مدينة دير الزور بعد خروج العثمانيين في 6 تشرين الثاني عام 1918 نتيجة غياب السلطة الحكومية، وتعاظم خوف الأهالي في دير الزور من المحيط العشائري الذي يحيط بمدينتهم، فالعشائر اعتادت الغزو والنهب والسلب سواء من بعضهم بعضاً، أو بدخول المدن ونهب البيوت، فكان من الضرورة وجود سلطة قوية تحمي المدينة وأهلها، وهو ما دفع الحاج فاضل العبود الذي كان يشغل منصب رئيس البلدية إلى تشكيل حكومته بالمدينة وأوصى إلى شيوخ العشائر في القرى والنواحي المجاورة من أجل المبايعة والوقوف معه، فبايعته جميع العشائر، وكان من أولويات هذه الحكومة ضبط أمور الأمن وتسير شؤون المدينة وعرفت هذه الحكومة لاحقاً بإسم “حكومة الحاج فاضل”.

 

واستمرت الحكومة حتى وصول الشريف ناصر ابن عم الأمير فيصل بن الحسين في الأول من كانون الأول من عام 1918 ثم وصول مرعي باشا الملاح في السابع من شهر كانون الأول 1918، حيث انتهت مهمتها وأصبحت دير الزور تابعة للحكومة المركزية في دمشق.

 

الفترة البريطانية

في 11 كانون الثاني عام 1919 احتلّ الجيش البريطاني المدينة عن طريق الحدود العراقيّة وضمها إلى الاراضي العراقية ، وأهتمت السلطة البريطانية بالأمن ونظافة المدينة وانشأت مدرسة ابتدائية أخذت تعلم اللغة الإنكليزية، وبقي الحاج فاضل العبود رئيساً للبلدية، وخلال تلك المرحلة مثّل الحاج فاضل العبود وعدد من شيوخ قبيلة العقيدات والبقارة وعشائر أخرى منطقة الفرات في المؤتمر السوري العام المنعقد في أواخر حزيران عام 1919، والذي اعلن في 8 آذار عام 1920 استقلال سورية وقيام المملكة السورية العربية ونصب فيصل ابن الشريف حسين ملكاً عليها، حيث كان الحاج فاضل من أشد المؤيدين لتنصيبه، وأعلن الأمير فيصل تأسيس حكومة عربية في دمشق وكلف الضابط السابق في الجيش العثماني الدمشقي علي رضا الركابي بتشكيلها ورآستها.

 

سعى الديريون للتخلص من الحكم البريطاني وكتبوا برغبتهم إلى الحكومة العربية بدمشق، وكان الضباط العراقيون من حزب العهد العراقي في دمشق يرغبون باحتلال دير الزور لجعلها قاعدة لتحرير العراق من الاحتلال البريطاني فعينوا رمضان شلاش حاكماً لمدينة الرقة ليكون ذلك خطوة لتحرير دير الزور، وجاء الضابط رمضان شلاش واحتل دير الزور بمساعدة أبنائها وعشيرة البو سرايا، فانسحبت القوات البريطانية في 27 كانون الأول عام 1919 إلى الحدود العراقية.

 

حكومة الحاج فاضل الثانية

في 27 كانون الأول عام 1919 تسلم رمضان شلاش إدارة دير الزور بصفته حاكماً عسكرياً وكانت سلطته اسمية والنفوذ الحقيقي لوجهاء المدينة، وما كانوا راضين عن تصرفاته فأخرجوه من المدينة بعد شهرين، فخلفه مولود مخلص وكانت فترة حكمه قصيرة ثم تبعه مصطفى بك القنواتي وكان أخر حاكم للفترة العربية بدير الزور، وبعد أحداث معركة ميسلون في 24 تموز عام 1920 واحتلال القوات الفرنسية لدمشق شهدت المدينة حالة من الفوضى وانعدام الأمن مما دفع الحاج فاضل العبود لتشكيل حكومته الثانية التي أدت خدمات كبيرة في حماية المدينة والحفاظ على سلامة أهلها بالرغم من إمكاناتها المحدودة، واستمرت هذه الحكومة بعملها حتى 23 تشرين الثاني عام 1920 حيث حلت بقرار من سلطات الإحتلال الفرنسي.

 

غادر الملك فيصل سورية متجهاً إلى حوران ثم إلى حيفا ومنها إلى كومو في إيطاليا ومنها إلى لندن في تشرين الأول عام 1920 بدعوة خاصة من العائلة البريطانية المالكة، وبمغادرته انتهت الملكيّة في سورية لتبدأ حقبة الانتداب الفرنسي على سورية، وفي 16 حزيران عام 1921 أذاع المندوب السامي البريطاني السير بيرسي كوكس قرار مجلس الوزراء العراقي بمناداة فيصل ملكاً على العراق في ظل حكومة دستورية نيابية، وتوج الملك فيصل ملكاً على العراق باسم الملك فيصل الأول بعد تصويت حصل فيه على نسبه 96% من أصوات المجلس، وتم تتويجه في 23 اب من عام 1921 في ساحة ساعة القشلة ببغداد ودعي الحاج فاضل العبود لحفل التتويج.

 

 المصدر: ويكيبيديا

شاهد أيضاً

دير الزور.. لمعة في تاريخها ((مقال عن مدينة دير الزور قبل نحو 114 سنة ))

بقلم الأديب عبد الكريم نوري أستاذ اللغة الفرنسية سابقاً بلواء دير الزور.. تحرير و تدقيق …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *