“أغاني الدبكة” في “الدير”… البيئة العشائرية البدوية

 

تنساب الأغنية الفراتية بسهولة معبرة عن أحاسيس السكان في بيئتهم العشائرية الريفية البدوية، فهي ذات تأثير كبير في نفوسهم فيتمايلون ويرقصون على كلماتها، ويدبكون لدى سماعها دبكة الفرح والسرور.

 

«لكل مناسبة في “الدير” أغانيها الخاصة، ولأغاني الدبكة خصوصيتها التي يشترك فيها الرجال والنساء في جميع أنحاء “الفرات”، وتعقد الدبكة في مناسبات الأفراح، وقد جاءت أكثر ضروب الغناء الفراتي على وزن بحور الشعر العربية القديمة كالوافر والبسيط والخفيف والرجز بشكل رباعيات منظومة باللغة العامية للسكان ومن أغاني الدبكات “هيم الفانوص”، ومن الأبيات:

 

“لابسه للغوي ثوبيني شالحة للغوى ثوبيني

 

اريد احبج يا بعد عيني واخذج وانحدر عل عانا”.

 

ويشير الباحث “عبد القادر عياش” في مجلة “صوت الفرات” بالقول: «هناك العديد من الأغاني التي تعقد للأفراح في الريف الفراتي ومنها “الدبكة”، وتزخر الأغنية الشعبية الفراتية بالمعاني التي كوّنها الشعب خلال تاريخه، إنها صدى نفسه ونفثات روحه وما تعانيه وتتطلع إليه، إنها نشيد الحب والألم ونشيد العمل والأمل والنفوس إذا طربت أو تألمت غنت، فأغنية “هيم الفانوص” قديمة في “دير الزور” كانت تغنى في السهرة بنغم سيكاه مع الدف:

 

“هيم الفانوص خشف جانا اشطعم ريحه عسل ما اسقانا”.

 

ومن أبياتها:

 

“هيم الفانوص خشف جانا جابنا على الهوى وارمانا

 

ريت كل المراكب كسره راح بيها الحلو ما جــــانا

 

لابسه للغوى ثوب أخضر شالحة للغوى ثوب أخضر

 

كنت اريد الحــلو لســمر تآخذه وانحدر عــاعــانا”.

 

ويضيف: «يسهم في الأغنية الشعبية النساء والرجال على اختلاف طبقاتهم في شتى الأحوال، أي في حال الفرح والسرور وفي حال الحزن والغم، ذلك أن الغناء من أغراض روح الشعب ومتعها وأغنية “يمه من الغالية” قديمة في “دير الزور” كانت تغنى بمقام الحجاز في الدبكة».

 

لازمة هي مستهله:

 

“يمه من الغالية عل شندلوا حاليا

 

ياناس حبي رحل بالله ارحموا حاليه

 

يا ويل ويلي هلج يامن عدمت هلج

 

لا رحل وجاور هلج سنتين والثانية”.

 

ويتابع: «يسهل نظم الأغنية الفراتية وارتجالها أحياناً حيث تدعو المناسبة، وللسكان استعداد فطري لنظم الشعر».

 

“راحت تورد البعير وبطرق ثوب الحرير

 

وأن وسدوني ضلعي ما اسلاج يالغالية

 

يا شايلات الطبق حسي وراكم طبق

 

انطي خواتي طبق والعبد والجارية”.

 

ويشير الباحث “محمد العواد” بالقول: «من أسباب تعدد ألوان الغناء الفراتي شيوع الدبكات واشتراك المرأة فيها، والشاعر الشعبي يعمد إلى التشبيه والاستعارة والجناس والتكرار، وهو أكثر صنعة مع البساطة والعفوية وتعدّ أغنية “حرمني سعناية” نوعاً من الرباعيات ملتزم القافية، ويعود تاريخه إلى مئات السنين كانت تغنى في الدبكة، ومعنى “سنعاية”: قصد، والضمير في حرمني يعود إلى النساء وهذه بقاياه:

 

“حرمني سعناية من أجل اللابس الصاية

 

اطغني بجلايـه خلني عنين وســكران

 

حرم النسا مدري النهده بيض كدري

 

حدق وابدق الصدري جنة بيها اثنعش بستان

 

حرم النسا حرام امــونه والحــسن تمام

 

يمن انكتت بظلام مشعل ياضي جالنيران”».

 

بقلم اسماعيل النجم

شاهد أيضاً

عجائب الديريات في بيت المونة

كانت “المونة” فيما مضى ركن أساسي في البيت الديري حيث يخصص غرفة كاملة للمونة تسمى …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *