حيطان دير الزور لوحة ملونة.. والسبب “الثياب المغسولة”

 

– قبل عشرات السنين .. لم تكن المياه تصل لكل البيوت الفراتية عبر الانابيب الصحية ..

و كانت مساحيق التنظيف قليلة جدا .

– كان الفراتيون في ذلك الزمن .. يجمعون ثيابهم و اغراضهم التي تحتاج للغسيل .. و يذهبون بها الى شاطئ النهر ..

ليغسلوها هناك ، بطريقة فراتية مميزة و خاصة بهم .

– كل مَن يسكن في وادي الفرات .. او بجانب النهر مباشرة .. يأتي الى شاطئ النهر .. و يغسل ثيابه و حوائجه .

– هناك اشياء تحتاج للغسيل غير الملابس .

– اهمها الصوف و عفش البيوت .. خصوصا في موسم الصيف ..

– فهو الموسم الانسب لغسيل اشياء كثيرة من اغراض البيت .. ك المخدات “الوسائد”و الدواشگ” الفراش” و اللِحِف” غطاء” و غيرها ..

– و الصيف ايضا هو الفصل المناسب ، لغسيل الصوف المجزوز حديثا مِن الاغنام .

– ف يأتي اكثر اهل القُرى الى شواطئ الفرات .. و هم حاملين أكياس كبيرة جدا .. ( چوالات ) او شلول . مليئة بالصوف .

– تراهم يغسلون الصوف على الشواطئ .. و كل منهم يغسل صوفه حيث يشاء ..

— و يأتي ايضا قسم كبير من اهل المدينة ، و معهم اكياس مليئة ب صوف العفش المنزلي .. ( بعد قظ اللِحِف و الدواشِگ ) ..

و ايضا يجلبوا معهم الملابس التي تحتاج للغسيل .

— غسيل الصوف ..

– يتم تفريد الصوف باليد اولا .. من اجل ازالة الشوائب ” ك الشوك او الاعشاب او روث الغنم ” الكبيرة العالقة فيه .

ثم يُنقَع بماء النهر .. و يُفرك باليدين .. ثم يُغَط بالماء مرتين ثلاث ..

يوضع بعدها على شاطئ نظيف ، او على صخور كبيرة .

و يبدأ ضرب الصوف بأداة تسمى ، الخابوط ..

” عصا يطرق الصوف بها “

– الخابوط ، هو اداة خشبية عريضة من الامام ، و له مسكة يدوية من جسمه الخشبي ..

هذه المسكة تساعد الشخص على ضرب الصوف بقوة و تحكم اكبر ..

– بعد خبط الصوف بشكل جيد .. يغسلونه بماء النهر من جديد .. ثم يُنَشَّف على الصخرات الكبيرة النظيفة ..

لكي تتغلغل به حرارة صيف الفرات العالية .. و ينشف بسرعة .

– و بعض الاهالي يُفَضِل ان ينشر الصوف على الحِبال الموجودة في بيته .. للتنشيف و النظافة ..

– بعدها يحتاج الصوف للطرق بمطرق خيزران رفيع او ” سيخ من الحديد”، ليصبح ناعم ك خيوط الشعر ، و ملمسه ك الحرير ..

* – أما عن غسيل الثياب في المنازل .. فمنذ ثلاثين عام تقريبا .. و في ذلك الزمان ، اصبحت المياه تصل الى اكثر البيوت الفراتية في المدينة ..

عبر بواري التمديدات الصحية و الحنفيات .

– و اصبح هناك انتشار بسيط لمساحيق الغسيل .. وكان ظهور مسحوق ” التاي”

– و وفر هذا الامر ، كثير من التعب و الجهد على الاهالي ..

– و ظهرت ايضا بذلك الزمان ، غسالات نصف آلية .. ب نشافة يدوية .

فأصبح عدد الذاهبين الى النهر لغسل الثياب ، قليل جدا ..

– لكن الصوف المجزوز في موسمه .. يُغسَل على شواطئ الفرات الى يومنا هذا ..

و لا ينفع غسله بالبيوت .. بسبب كبر كميته ، و حاجته للماء الجاري النظيف ، و المكان الكبير .

— ظهور الغسالات ، وفَر على الامهات الفراتيات عناء كبير جدا جدا ..

و خصوصا في فصل الشتاء ..

– لان اغلب الامهات ، يغسلن على ايديهن عشرات القطع من الثياب في كل اسبوع .. و هذا امر متعب جدا ، و يحتاج جهد رجل و ليس امرأة

– و اشهر مسحوق غسيل ثياب في ذلك الزمان .. اسمه”التاي” .. سار

علبته كبيرة .. و كلمة سار مكتوبة بالخط العريض .. و باللون الازرق البحري ..

– اي مسحوق غسيل .. يسمى باللهجة الديرية الاصيلة ، ( تاي ) .

— اغلب الاهالي الفراتيين ذاك الزمان .. لا يوجد لديهم غسالات ..

– يغسلون الثياب على ايديهم .. و بطريقة التدويس .

– توضع الثياب في ( اللگن ) .. مع التاي و الماء .. و يتم تدويسها بالاقدام اولا ..

و مرحلة تدويس الثياب ، غالبا ما يقوم بها الاطفال .. ليساعدوا امهاتهم بهذه المهمة الاسبوعية الصعبة .

– ثم يُبَدَل الماء .. و بعدها يتم فرك الثياب بالايدي ..

ثم تغسل الثياب بالماء العادي ..

و تُعصر باليد ، و تُنشَر على حبل الغسيل .

– بعض الاهالي لديهم حِبال غسيل على البلاكين ..

و البعض الاخر بالحوش..

و البعض على الأساطير ..

– لكن البعض من اهل الفرات .. يُفَضِلون نشر الثياب على حيطان بيوتهم الخارجية .. كي تزورها شمس الفرات الدافئة.

– كثير من جيراننا الطيبين ، كان لديهم حِبال غسيل طويلة على جدران منازلهم ..

يخرجن الجارات منذ الصباح الباكر، ل ( شَر الهدوم ) .. و معهن سلَّات او ( لگون ) ، مليئة بالملابس المغسولة .. و اللُقاطات الخشبية ..

– فتمتلئ جدران الحارة بالثياب الملونة.

كان اكثر اهل الفرات ، في زمن البساطة و المحبة .. ضمن الحارة الواحدة ، او الحي الواحد .. يعتبرون انفسهم عائلة واحدة و مترابطة.. تربطهم القرابة .. او سنين الجوار .. او عمل المعروف .. فيفرحون لفرح بضعهم.. ويزعلون لزعل أحدهم.

– كانوا يستعيرون حيطان بعضهم.. وأساطيح بعضهم.. عندما تكون الملابس كثيرة.

— لكن الأمر المؤسِف و المُحزِن.. أن عدد من الامهات الفراتيات رحمة الله عليهن، قد توفوا بصعقات كهربائية في ذلك الزمان.. نتيجة هذه الغسالات..

وخصوصا في الشتاء القارس..

– إما بسبب امتلاء ارض الحمام او الحوش بالماء.. وملامسة الماء لسلك كهربائي مجرود..

او نتيجة ماس كهربائي حاصل بالغسالة نفسها..

– اتذكر ان المشاكل الكهربائية للغسالات القديمة، كانت كثيرة جدا..

احيانا بمجرد لمس حوض الغسالة باليد، والارض عليها ماء، يُعَد امر قاتل.

وكانت النسوة الفراتية تؤدين العمل ببعض الاغاني والطقوس الفراتية الجميلة لتخفيف العناء والتعب

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

شاهد أيضاً

صباحية العيد .. بالدير (1)

تليقي الامهات والحبابات يقعدون من أذان الفجر، ومجهزة كل وحدة شغلة تاتفضها عالزغار اللي يجون …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *