تمتعت مدينة دير الزور بتعددية حزبية وحياة سياسية فعلياً منذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر..
فإذا ما اطلعنا على وثائق الصراع الانتخابي – بالعهد العثماني – في مجلس إدارة لواء الزور ، وحجم التنافس و التحشيد الجماهيري ، وإقرار جميع الكتل السياسية بأن الانتخابات كانت مفتوحة للجميع وحرة و نزيهة.. فسنعرف أي حياة سياسية حظي بها المجتمع الديري في ذلك الوقت..
وبنفس الوقت حينما جرت عمليات التزوير الانتخابي في نفس هذا المجلس الذي يعكس إرادة أبناء المتصرفية ، وذلك منذ أواخر عام ١٨٩٦ م ، اندلعت ثورة شعبية عام ١٩٠١ و استمرت حتى عام ١٩٠٤ م ، لتعيد الأمور إلى مسارها الصحيح..
وقد كان يوجد في مدينة دير الزور ثلاث كتل عشائرية ، اتخذت طابع الأحزاب السياسية ، وظهر أول تمثيل رسمي لها على الأقل منذ عام ١٨٦٥ م ، في أول مجلس إدارة بسنجق الزور..
وهم أحزاب (( الشرقيين و الوسطيين و الخرشان )) حيث مثل كل زعيم كتلته في مجلس إدارة اللواء ، وانتقل هذا الصراع لاحقاً ليدخل في مجالس إدارية أخرى مثل مجلس إدارة الولاية ، و مجلس المبعوثان ، ومجلس القضاء ، ومجلس البلدية ، ومجلس المشرفين المراقبين ( الإشراف ) ، و مجلس العشائر.. و غيرها
و منذ بدايات القرن العشرين ، ظهر عدد من الأحزاب السياسية (( ذات الطابع الوطني )) ، في مدينة دير الزور ، حيث شكل وجود مثل هذه الأحزاب المرخصة من الدولة العثمانية ، و المتجاوزة للعصبيات العشائرية ، نقلة نوعية في المدينة..
و هي :
○ جمعية الاتحاد و الترقي :
لا نعرف بالضبط – حتى الآن – تاريخ دخولها إلى المدينة ، لكن ما نعرفه أنه جرت انتخابات لفرع هذه الجمعية في الدير عام ١٩٠٩ م ، وضمت نخبة من كبار أعيان المدينة ، وهي جمعية مرخصة من رأس الدولة العثمانية..
○ الجمعية العهد الوطني ( الفراتي ) :
تأسست عام ١٩١٣ م ، وأيضاً ضمت نخبة من ساسة المدينة ومثقفيها..
○ النادي العربي :
تأسس عام ١٩١٩ م ، على يد نخبة من كبار المحامين و المعلمين بالمدينة ، وكان نادي ذو طابع ثقافي و سياسي بنفس الوقت ، ويحضى بممثلين له (( ككتلة مستقلة )) بمقابل الكتل العشائرية الأخرى، في عدد من المناسبات السياسية الكبرى في المتصرفية..
○ إخوة خليصة :
رابطة أخوية و ثقافية ذات طابع سياسي و اجتماعي ، تأسست عام ١٩٢٣ م ، على يد نخبة من شباب المدينة المثقف الذي حمل الوعي المبكر لتجاوز العصبيات العشائرية و الالتفات للمصلحة الوطنية و قد رفع شعار [[ لا شرقية و لا وسطية .. كلنا إخوة ديرية ]]
○ الكتلة الوطنية و جيش القمصان الحديدية :
تأسست الكتلة في عام ١٩٢٨ ، وفي نفس العام كان لها فرع في دير الزور ، على يد كبار الزعامات الوطنية بمختلف مشاربهم وتوجهاتهم الفكرية {{ من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار }} ، وكان هدفهم الأوحد هو طرد الاستعمار الفرنسي من سوريا..
وكذلك الحال ينطبق على الجناح العسكري للكتلة الوطنية ، وهو جيش القمصان الحديدية ، الذي تأسس عام ١٩٣٦ م
حيث كانت الكتلة تضم الساسة الكبار في السن ، أما الشباب فكانوا ينخرطون في تشكيلات القمصان الحديدية ، مع ولائهم للكتلة {{ بكونهم جزء منها }} ، لكنهم يتفرغون عسكرياً لمقارعة المستعمر الفرنسي..
○ حزب الإصلاح :
وهو حزب ديري بحت.. تأسس على يد ثلاثين شخصية سياسية من أبناء مدينة دير الزور عام ١٩٢٩ م ، لنفس الأهداف التي تأسست عليها الكتلة الوطنية.. وإن حصل بعض الخلاف السياسي بين بعض أعضاء الحزبين..
و قبل و بعد جلاء المستعمر الفرنسي في ١٧ نيسان عام ١٩٤٦ م ، تأسس عدد من الأحزاب السياسية في سوريا ، وكان لها أيضاً فروع في المدينة مثل :
الحزب السوري القومي الاجتماعي [[ تأسس عام ١٩٣٢ ]]
الحزب الشيوعي السوري [[ تأسس منذ عام ١٩٤٤ ]]
حزب البعث العربي [[ تأسس منذ عام ١٩٤٧ ]]
التيار القومي العربي الوحدوي :
في الواقع كان موجوداً منذ نهايات العهد العثماني ، لكنه بدأ [[ كتأطير سياسي ]] منذ تأسيس جامعة الدول العربية عام ١٩٤٥ م ، وازدهر في الوحدة ما بين سوريا و مصر عام ١٩٥٨ م ، و هناك من كان يسميه بالتيار الناصري ، برغم أنه بدأ منذ أواخر القرن التاسع عشر..
بقلم عبد العزيز الأحمد بك