الدواوين في دير الزور.. تاريخ بدون وثيقة

 

هلي يا أهل المراتب و”الدواوين

وعلى قلوب العدى علّوَ دواوين

سألت الدار ويـن أهل “الدواوين

غـدو يا حسـرتي حـدْرَ التـراب

من يقرأ هذه الأبيات الجميلة للشاعر الكبير “عبد الله الفاضل” يستشف منها أهمية ودلالة “الدواوين” عند سكان منطقة الجزيرة والفرات، وخصوصاَ قبل أن تزحف العولمة لتغطي أغلب مفردات الهوية المحلية للناس في هذه المنطقة.

 

فقد كانت “الدواوين” منتديات أو صالونات اجتماعية ثقافية بامتياز، تدار بأرقى الطرق و”الديوان” لغةً هو: مُجْتَمَعُ الصُّحُفِ، والكِتابُ يُكْتَبُ فيه أهلُ الجَيْشِ وأهْلُ العَطِيَّةِ، وأوَّلُ مَنْ وَضَعَهُ عُمَرُ، رضي الله تعالى عنه، يجمع على: دَواوِينُ ودَياوِينُ. (القاموس المحيط، للفيروز أبادي).

 

“الديوان” هو مكان الاجتماع لفصل الدعاوي والنظر فيها، والنظر في أمور الدولة، وفي كل وزارة ديوان يجمع موظفيها. و”الديوان” كما يعرّفه الباحث عبد القادر عياش”: مجمع القوم وندوتهم أو ناديهم، ودواوين “الديريين” بهذا المعنى يجتمع فيها الناس للسمر، ويسمى السًّمر عندنا “التعليلة” جمعها “تعاليل”، وصار هذا اللفظ يطلق على “الديوان”، و”تعلل” بمعنى سهر مع جماعته، غير أن المشتهر هو لفظة “الديوان”».

«كان لكل عشيرة “ديوان” أو أكثر يفتحه الوجيه أو زعيم العشيرة لحل معضلاتها ومشاكلها، ويتألف “الديوان” من كراسي خشبية تغطى بالوسائد والسجاد، والأغنياء جهزوا غرف استقبال عصرية وبنوا “مجمراً” يدفئ “الديوان” والبعض يستعمل مدفأة الحطب أو المازوت، والبعض الآخر يضع الموقد وهو حفرة في وسط الغرفة أو في صدرها يوقد بالحطب وحوله دلال القهوة “أباريق القهوة” وهي مجموعتان إما ستة أو اثنتا عشرة دلة، ويقدم في “الديوان” النارجيلة “الأركيلة” وسجائر التبغ، وبعض أصحاب “الدواوين” كانوا يولمون لزوارهم الولائم، وبذبحون لهم الذبائح وكان يرد “الديوان” الموظفون والشعراء وأصحاب “العتابا” فكانت الصالونات الأدبية في زمانها، وإن تطور الحياة الاجتماعية ووجود دور السينما والمقاهي لعب دوراً رئيسياً في عزوف الناس عن “الديوان” في القرن الماضي، وكذلك موت أغلب أصحاب “الدواوين” وعدم استمرارية الأبناء فيما خطه الآباء.

 

أغلقت معظم “الدواوين” في “دير الزور” خلال العقود الأخيرة بعد أن كانت تعتبر مدينة “الدواوين”».

 

أما أسماء “الدواوين” التي كانت مفتوحة في “دير الزور” فقد ذكرها البعض ولا وثيقة تاريخية تثبت صحتها بأنها على الشكل التالي : «كانت “الدواوين” تعرف بأسماء أصحابها، ومن أصحاب “الدواوين” في مدينتنا السادة:

“فرحان الفياض”، “أحمد بك العبد العزيز”، “عبود الحسن”، “منديل الأسعد”، “حسن المرعي”، “شباط المحيمد”، “موسى الحاج”، “إبراهيم الخلف”، “يوسف راجي الدليمي”، “عبد الرحمن المرعي”، “حاج معجون المدلج”، “موسى المحيمد”، “هادي الهدهد”، “كداوي النجم”، “حسن الطه”، المفتي “محمد الملا مصطفى”، “طه الملا فتيح”، “ويس الكرماني”، “محيمد المشرف”، “شلاش المنديل”، “محمد الحطاب”، “محمد العليوي”، “عبد الله الحطاب”، “حميدي السعيد”، “محمد العاروض”، “محمد النويصر”، “عيد السخني”، “محمد العياش”، “محمد سيد حوكان”، “عياش الحاج”، “حسن المحمد”، “حسن المشهور”، “فنوش العبود”، “عكلة الخليفة”، “بشير العياش”، “جاسم العلوني”، “صالح الفرحان الفياض” وهو مفتوح إلى يومنا هذا، “علي السيد”، “أحمد الجنيد”، “صالح الحمود”، “خلوف العبد الحميد”، “عبد العزيز بشار”، “سليمان الجاسم العاشور”.

 

وفي مدينة “البوكمال” دواوين: منها ديوان “عجيل الجاسم”، “حامد السلمان”، “برغوث الجاسم”، “عبد الهادي الزرزور”، “رشيد توفيق الداوود”، “سيد توفيق الداوود”».

 

وقال آخرون في تعريف الديوان إنه: «مقر لاجتماع الناس لفض المنازعات والضيافة والسمر والمناقشات الفكرية والأدبية التي كانت تبدأ منذ العصر، وتستمر حتى ما بعد صلاة العشاء، وكان “الديوان” على أنواع منها ما هو لقضاء الوقت، ومنه لتدارس الواقع الاجتماعي والمناقشات الفكرية وفي كلتا الحالين كانت القهوة تقدم فيه للضيوف، أما ديوان الضيافة فيقدم فيه الطعام، ويؤمن النوم للغرباء».

أما عن ” أسماء “الدواوين” في الميادين: «وفي الميادين فإن أقدم “الدواوين” هي ديوان “ضويحي الغبين” و”وكاع البورسان” و”محمد الخضر” و”عمر المشوح” و”أحمد البصري” و”سيد إبراهيم الشعيبي”».

أما دواوين البادية والريف، فإن لكل شيخ عشيرة ومختار قرية ديوان خاص به، ولكن ما اشتهر منها في الماضي، في الريف والبادية فأصعب من أن تحصى ونذكر منها ديوان الشيخ “جدعان الهفل”، و”مشرف الدندل” و”صياح الجراح” و”غرب المحمد” و”مسلط باشا” و”مشعل الجربا” و”مجحم بن مهيد” و”ابن غبين” و”ابن كعيشيش” و”أبو الهيال” و”هويدي الشلاش العلي المشلب” و”محمد فرج المحمد” و”راغب البشير” و”عبد الله شيخ الجيلات”». لكنها اليوم تغيرت تغيراً كلياً، بينما ظهرت دواوين جديدة.

 

وقد يكون لبعض “الدواوين” دور تخصصي، “كديوان العارفة” و”العارفة” قاض شعبي يحكم بالعرف المستمد من التشريع الإسلامي في ريفنا، ويعتبر ديوان العارفة في منطقة الجزيرة والفرات بمثابة مجمع قضائي يحتكم إليه الناس، لذا فديوان العارفة له خصوصية عن غيره من “الدواوين” فهو بالدرجة الأولى مكان لحل النزاعات وتقريب وجهات النظر سواء بين الأفراد أو الجماعات المختلفة فيما بينها».

 

كما يقوم “الديوان” بدور الفندق، إذ يستضيف صاحب “الديوان” الغرباء الوافدين للقرية للنوم والراحة فيه، و”الدواوين” عدا كونها أماكن يلتقي فيه أفراد العشيرة، للتسامر أو للتشاور في حل قضاياهم، وفض خلافاتهم، هي تستخدم كنزل للغرباء بعد أن ينفض الأهالي من “الديوان”، يترك الضيف ليخلد للراحة والنوم في “الديوان”، كأن يأتي للقرية معلم وافد من منطقة بعيدة، أو أحد أصحاب المهن الذي يأتي لأيام قليلة بغرض العمل الموسمي، بل إن الأمر لا يقف عند المنامة، إذ انه من البديهي أن يقدم أهل “الديوان” الطعام والشراب لضيوفهم».

 

وتعتبر “الدواوين” صالونات أدبية بامتياز إذ تعزف فيها الموسيقا، ويقال فيها الشعر، كما يوضحها المرحوم الباحث عبد القادر عياش بقوله: «كان الشعراء العاميون من البلد أو من نجد أو من غيرها، يقصدون أصحاب هذه “الدواوين”، وينشدونهم شعرهم في مدحهم بمصاحبة الربابة أو بغيرها.

 

ويستمع السمّار على شعر هؤلاء الذين ساعدوا على انتشار شعر وغناء العتابا والقصيد في “دير الزور”، وتتلمذ بعض الديريين على أيديهم، ورووا عنهم، فضلاً عما كان في “الدير” من روح شعرية ومن شعراء “ديريين”.

 

فاق “الديريون” بعد ذلك غيرهم من الشعراء الغرباء، وصاروا ينظمون العتابا وينشدونها في بعض الدواوين، وعلى رأسهم “عبد الحسين الضامن” من فخذ “البو كسار” كان يتردد على ديوان “ويس الكرماني” وديوان “عياش الحاج”، لمع اسمه قبل الحرب العالمية الأولى وأثناءها، وكان هذان يعطفان عليه ويتعهدانه بصلاتهما».

 

وكل هذا الكلام نقل عن أشخاص في موقع “مدونة وطن” 

 

بينما كتبت صفحة “تاريخ دير الزور ” على فيس بوك :

 

الدواوين ٠٠٠٠٠

 

فقدناها من غير ان نستعيض عنها بصالونات وبيننا وبين هذا

 

بون ( شاسع )

 

“””””””””””””””””””””””””””””””””””

 

كانت في دير الزور قبل الحرب العالميه الأولى نحو ثلاثين ديوانآ وإستمرت إلى مابعد الحرب العالميه الأولى وقد إنقرضت بعضها وحلت بعدها دواوين لأشخاص محدثين

 

لم يبقى أي ديوان وخسرت المدينة خساره معنويه

كانت الدواوين وجهآ طيبآ لدير الزور ، فقدناها من غير أن نستعيض عنها بصالونات أدبيه وثقافيه وأصبح بيننا وبين هذا بون ( شاسع ) وفي قرى دير الزور مازالت توجد لدى رؤساء العشائر ومخاتير القرى ( ربعات ) تقابل الدواوين المتفرقه بديرالزور ٠٠٠٠(( فلا نحن ريفيون لنا ربعات ولا متحضرون لنا صالونات ))٠٠٠٠ عندما فقدناها لم يعد هناك وجيه بديرالزور مع الأسف ٠٠٠٠ هؤلاء الرعيل الأول لم يكونوا من حمله الشهادات لكنهم وجهاء حقيقيون ‘ كانوا حكماء بكل ماتعنيهالكلمه من معنى رحمهم الله ونذكر هنا بعض هذه الدواوين وأصحابها : عبود الحسن ٠ عبد العزيز بشار ٠ منديل الأسعد ٠ حسن المرعي ٠ شباط المحيمد٠ إبراهيم الخلف ٠ موسى الحاج محيمد٠ عبد الرحمن المرعي ٠ حاج معجون المدلج٠ حسن الطه ٠ هادي الهدهد ٠ جاسم العلوني ٠ علي السيد ٠ المفتي محمد الملا خلف ٠ طه أفندي الملا فتيح ٠ ويس الكرماني ٠ عياش الحاج ٠ أحمد العبد العزيز ٠ حسن المحمد٠ حسن المشهور ٠ شلاشالمنديل ٠ عبود الفنوش ٠ أحمد الجنيد ( أبو الظلما ) ٠ محمد العياش٠ فرحان الفياض ٠ محمد العليوي ٠ عكله الخليفة ٠ عيد السخني ٠ بشير العياش٠ محمد النويصر٠ حميدي السعيد٠حج رشيد العزاوي٠ محمد العاروض٠ فنوش العبود ٠ عبد الله الحطاب ٠

هذه أسماء بعض من حضرني من أصحاب الدواوين ٠ هؤلاء رجال بحق

 

والسؤال الذي يطرح نفسه :- ( أين نحن من هؤلاء الرجال ؟؟)

 

وهنا يحضرني مطلع قصيده للشاعر الفراتي عندما كان في منفاه في العراق ووصله خبر إستشهاد شيخ المجاهدين ومن أصحاب الدواوين بدير الزور فقال :-

 

نعاه لي الناعي ببغداد بكرة فأحسست بي الأرض الفضاء تدور

 

بكت بعدك الديوان أشياخ شمر

 

وناحت عليه طئ وجبور

 

وللتوضيح نعيد..  إن كل هذه المعلومات تعتبر غير موثقة لأنها نقلت عن أشخاص ولاتوجد وثيقة ذكر فيها دليل عن صحة أو بطلان هذه المعلومات.

شاهد أيضاً

“الجراديق” في مدينة الميادين شرق دير الزور

#الجرداق… بقلم بشار طوير  === يقال أن الكلمة أصلها تركي. لكن كلمة جرداق متداولة في …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *