أهالي دير الزور يتململون من الوجود الإيراني في مدينتهم

كان أبو خليل ينتظر اللحظة التي ينتهي فيها حصار مدينته “دير الزور” الذي يفرضه داعش منذ نحو 3 سنوات، ومارافقه من جوع وعطش ومرض وموت وقصف بقذائف لم تكن تميز بين الصغير والكبير والعسكري والمدني، بل كانت تبطش بالجميع على حد سواء، وكم فجع أهالي المدينة وفقدوا فلذات أكبادهم بسبب قذائف الموت، ولم تكن للقذيفة وقع أقل من وقع الماء والطعام المفقودين بشكل شبه تام، فقد كان التنظيم يعمل على تنفيذ سياسة التجويع، وساعده في الحصار تجار الدم الذين بدؤوا باستغلال الحصار داخلياً وأخذوا يزيدون أرصدتهم على حساب الشعب.

 

ظن أبو خليل وعائلته في الشهر التاسع من عام 2017 أنها “فُرجت عليهم”  وذلك بعد أن تم فك الحصار عن المدينة، لتدخل بعد ذلك عربات وشاحنات محملة بالطعام، ووزعت على الأهالي بالمجان.. كانت السيارات المحملة بأحلام أهالي دير الزور ترفع أعلام إيران وصور خامنئي.

 

خاب ظن أبي خليل وأمثاله من أبناء دير الزور الذين بدؤوا يلاحظون التحركات التي ظاهرها يقول شيئاً ولكن خوافيها وما وراءها يقول أشياء لم يكونوا ليحسبوا لها حساباً ولا سيما مسألة الدين، ومعروف عن أهالي محافظة دير الزور عموماً أنهم من الطائفة السنية مع وجود قلة اعتنقوا التشيع بغية الحصول على المال في ظل الفقر المخيم بالمناطق التي انتشر فيها، ولاسيما “حطلة” وبعض قرى الريف الغربي.

 

إيران.. ليست ساذجة لهذه الدرجة لتدفع مادفعته وتأخذ عقد اتصالات أو كهرباء كمكافأة أو حصة من الكعكة السورية التي تقاسمها اللاعبون، ولكنها وفق ما قاله (س . ز) المقيم في حي الجورة وعاصر الحصار وما تلاه من تحركات، تريد حصة الأسد، من الكعكة السورية، فهي تريد الشعب السوري، الذي بقي متمسكاً بأرضه ولم يغادرها رغم كل الموت الذي شهدته المنطقة.

 

يقول (س . ز) بعد فك الحصار بدأت الجمعيات الخيرية والتعليمية والثقافية تعمل في المدينة لتقدم الطبابة والخبز والطعام والتعليم والترفيه للمحتاجين وغير المحتاجين، وكانت هذه الجمعيات مقنّعة بقناع العمل الخيري، دون أي أهداف جانبية، وسرعان ما بدأت تظهر أهدافها وتتبدى، لكل أهالي دير الزور أخذوا يتململون منها شيئاً فشيئاً.

 

(ر . م) امرأة طلبت عدم الكشف عن اسمها، قالت إن أولادها المتفوقين تم تكريمهم في المدرسة وأخذوا هدايا تتضمن قرطاسية ولوازم مدرسية، ولكنّها لاحظت أن هذه الهدايا تتضمن كتيبات فيها معلومات إسلامية في الظاهر وتدعو بشكل واضح لاعتناق المذهب الشيعي، ما جعلها تحرقها مباشرة دون أي تردد، وأضافت أنها نبّهت أبناءها المتفوقين ألا يأخذوا مثل هذه الكتيبات مرة أخرى.

 

لم يختلف كثيراً رأي (و . ج) الذي يعمل في مجال التعليم وكان متواجداً في حي الجورة أثناء وبعد فك الحصار، فقد أكّد أن (الحاج صادق) وهو مدير المركز الثقافي الإيراني يشرف على عمليات تكريم التلاميذ وتزويدهم بكتيبات ودعوتهم للحضور إلى المركز والتزود بالكتب التي يحتاجونها، بالإضافة إلى دعوتهم إلى فعاليات ما يسمى “الأربعاء الثقافي” التي يرعاها المركز الثقافي الإيراني وتشهد ألعاباً وحفلات موسيقية وأنشطة رياضية بغية جذب الأطفال إليها.

حساب منظمة “طلائع البعث” في موقع فيسبوك نقل الصورة عن غير قصد وعدم إدراك لأبعاد فعالياته التي يرعاها “الحاج صادق” ويظهر في صور الفعاليات كراعٍ رسمي، ويتحدث باللغة الفارسية وبجانبه مترجم يوضح للأطفال ما قاله الحاج صادق، وهذه الصور التي استطعنا جمعها من حسابات تابعة للمنظمة التي ترعى الأطفال في سوريا.

 

ومؤخراً.. افتتحت إيران فرعًا لما يسمى “كشاف” في مدينة دير الزور ليضاف هذا الفرع إلى سلسلة من الجمعيات والمستشفيات الميدانية التي أسستها إيران في محافظة دير الزور منذ نهاية عام 2017 مع انتهاء المعارك ضد “داعش”، ونشرت شبكة “صدى ديرالزور“، الأحد 10-11-2019 خبرًا يتحدث عن افتتاح مركز “كشاف” الذي ترعاه ما تسمى “اللجنة الشعبية للصداقة السورية الإيرانية”، في مدينة ديرالزور، مضيفةً أنَّ المركز يتضمن “نشاطات” (ثقافية، رياضية، فنية، تطوعية، دار لحفظ القرآن، تنموية وتعليمية).

وبذلك تدخل دير الزور مرحلة جديدة من الدعوة العلنية للتشيع الذي يستهدف الأطفال بشكل مباشر من خلال جمعيات عدة انتشرت في سوريا، ومنها فروع لجمعية “كشافة المهدي” مثل “كشافة الولاية” و”كشافة الإمام المهدي (عج) فرع نبل إناث“، ومجموعة “كشافة الإمام المهدي في سوريا“ ، ولهذه الجمعيات صور للفعاليات التي يمارسها الأطفال فروع هذه الجمعية.

 

حساب “العلي زاهر” في فيسبوك  حظي خلال الأشهر الماضية بمتابعة واسعة، كونه مطّلعاً على أوضاع دير الزور، ولا ينتمي لأي جهة معارضة، وهو دائماً ما ينشر فضائح السرقة والرشوة التي يمارسها “المتنفذون” و”الفاسدون” في دير الزور، وقد هاجم الخطوة هجوماً لاذعاً، ودعا أهالي محافظة دير الزور إلى مقاطعة مركز “كشاف” وعدم إرسال أبنائهم إليه، واصفاً لخطوة بأنها لا تتعدى أن تكون ثمناً لما قدمته إيران في سوريا، وبدلاً من أن يكون المقابل مادياً، فإن إيران تريد أن يكون بالتغلغل الثقافي وتغيير النسيج الديني للمنطقة برمتها، ونقلها من السنية إلى الشيعية، ولكنّه وبعد يوم واحد من نشره هذا “البوست” قام بإلغاء تنشيط الحساب، وعلى ما يبدو أنه تجاوز الخطوط الحمراء التي لا يمكنه تجاوزها.

ويبقى هنا السؤال الأهم والذي يحتاج إجابة من السوريين عامة وأهالي وأبناء دير الزور بشكل خاص.. إلى متى يستمر الصمت على خطوات إيران الواضحة في سرقة أطفالكم منكم؟!

 

 

وننشر لكم صوراً عن تواجد (الحاج أبو جعفر) -إيراني الأصل- في الفعاليات التي يتواجد فيها الأطفال في مدينة دير الزور 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *