حي الجبيلة .. روح المدينة

 

 

تختلط الأصالة الإنسانية مع طيب المعشر فيمتزج إنسان واثق الرؤى، عميق التفكير، يعبر عن طيب المنبت لسكان حي الجبيلة

 

من أقدم الأحياء في مدينة “دير الزور” وأضخمها، يمتد من الشارع العام إلى شارع الوسط، ويعد حي “الجبيلة” ملجأ من غدر الأيام فهو يحتوي على سوق الهال الذي يتميز برخص الأسعار إضافة إلى الكثافة السكانية الموجودة في الحي لرخص أسعار المنازل.

 

«يعد حي “الجبيلة” ملجأ لكل الديريين حيث يحتمون به من مصائب الحياة وغدر الأيام؛ ففيه أرخص سوق في البلد سوق “الجبيلة” الذي يضم سوق الهال فلا يوجد أي فرد من أبناء “دير الزور” إلا وزاره وتبضع منه، وهو أيضاً من الأحياء التجمعية كأن يسكن في كل حارة بيت أو عشيرة فتسمى باسمهم كحارة “بيت صياح”، ونزلة “الرديسات” …إلخ، وذلك بسبب رخص أسعار منازله فكان الديريون يقصدون “الجبيلة” في السكن فصار أكثر الأحياء كثافة بالسكان».

 

«حي “الجبيلة” هو الحي السادس الذي قطنه أهالي “دير الزور” حيث تلا “الدير العتيق، والعرضي، والحميدية، والرشدية، والشيخ ياسين”. ولقد بدأ سكان المدينة الإقامة فيه منذ عام 1845م، وقد سمي بهذا الاسم لأن موقعه يكمن في مرتفع عن باقي الأحياء، وهو في جنوب غرب المدينة يحده من جهة الشرق مقبرة “البعاجين” التي تقع على أطراف المقبرة القديمة، والتي تفصله عن حي “الحميدية”، وقد أزيلت عام 1964م وأنشئ مكانها سوق الهال فيما بعد.

 

أما من جهة الغرب فتحده المساكن الشعبية التي أنشئت عام 1959م في عهد الوحدة، ومن الجنوب شارع “العرفي” الذي أنشئ عام 1970م، ومن الشمال شارع “الرديسات” الذي يمتد شرقاً من السجن المركزي حتى نهايته مع تقاطع شارع نادي الضباط، وفي غرب الحي تقع مقبرة النصارى التي أصبحت حديقة عام 1964م، أما سوق “الجبيلة” العتيد فأوله يبدأ من السجن المدني ثم قبور البعاجين وبيت “أبي الحيايا” (محمد الحسين) وبناية “حميد الصفوك” التي كانت فيها شركة الكهرباء».

 

يتميز حي “الجبيلة” بحركة تجارية مميزة تختلف عن باقي الأحياء في مدينة دير الزور «يتوافر في الحي العديد من مراكز التجارية التي تغنيك عن البحث لشراء الحاجيات؛ ففيه العديد من المحلات مثل: “شاكر خليفة، وزكور الطلاع، وملا عباس، ورجب السرحان، وبحور الخليفة، وشحاذة خليل، ومكتبة صلاح خديرة”، والحلاق “وحيد نشتر”، و”حسن المصيطف”، وثلاثة محلات لإصلاح الدراجات الهوائية ، ومطعم “أبو جمال للفلافل”، ومن داخل حي “الجبيلة” كان دكان “مرعي المهجع”، وفيه تاجرتان حبابة “خاتون”، والحاجة “خيورة البلوص”، ومن المقاهي المميزة قهوة “أبو رعد ستيتة”، ثم قهوة “أمين المزعل”، وقهوة “خضر السراوي”».

 

ومن المعالم المتميزة في الحي : «في جهة الشرق من الحي يقع جامع “الفردوس” الذي أسس عام 1953م، وكانت أرضه مقبرة حيث حدد قبلته الشيخ “محمد سعيد العرفي” بواسطة نجم القطب؛ حيث فيه قبة كبيرة وسدة يصلي بها الرجال تقع في الجهة الشمالية لصحن الحرم، وفيه حديقة كبيرة في الناحية الشمالية الغربية، وأخرى من الناحية الشرقية وعلى طول واجهته الغربية بنت مديرية أوقاف دير الزور عدداً من الدكاكين عام 1972م، وفي القرب من سوق “الجبيلة” يقع جامع “الروضة” الذي أسس عام 1955 حيث شكل الأهالي لجنة وجمعوا من المحسنين أموالاً فتم بناؤه وعملوا له مئذنة من زوايا حديدية تقع في زاويته الجنوبية الشرقية، وفي القسم الشمالي بنيت سدة يصلي فيها النساء يوم الجمعة وللسدة باب من الناحية الشرقية من الشارع؛ حيث تدخل المراة وتخرج دون أن تدخل المسجد أو ترى الرجال».

 

ومن أهم سكان حي الجبيلة القدامى : «يحتوي الحي العديد من العائلات القديمة التي سكنته ومنهم: “آل البعاج وقد سمي على اسمهم، وآل حيزة، وآل ثلاج، وآل جاويش، وآل مزعل، وآل خليفة، وآل طلب، وآل مهجع، وآل رسلي، وآل شوحان، وآل ملحم، وآل الدرّاخ، وآل صياح، وآل خديرة، وآل طلاع، وآل العطرة، وآل عبوش”».

 

ملاحظة: الصورة القديمة في المنشور هي لمقبرة العاجين والتي يوجد بمحلها الأن سوق الهال

في وصفها والشوق إليها كتب الأستاذ ماجد الكاطع

 

جولة الروح ….

ا ( الجبيلة ) هذه الست الجليلة مسقط الراس ومرتع الطفولة…. أولى محطات العمر منها انطلقت…

لذاك العمر البعيد الذي كنّا فيه توأم الحياة في صباحها ومغيبها، لذاك المكان الذي يحمل حكايانا الطّفوليّة وخلّدنا بحزنه لافتراقنا الذي طال كمسافات الفراغ، لذاك الوجع الذي فينا من فَقْدٍ لم يكن بأيدينا، وسلبنا ظلّ الكينا.. ( كينا بيت سند )….وساحات اللعب مذ كنّا اطفال نلهو بأعواد العنب، ونخطّ أحلامنا على تراب الأرض لتكبر ونسكن بيتنا الذي رتّلنا له بكلّ الصلوات، ورتّبتا قصصنا فيه، ومحونا من عناوينه عتمة الخوف وأضأنا به شموع الميلاد.

لذاك الجدار الذي طالما أسندنا عليه أكتافنا الصّغيرة بعد المساء بمساء أكثر اشتياقًا ومرارة بعدٍ عندما سرقتك مني البلاد.

لذاك الخراب الذي طال المكان ولم يعبث بقلبك ولا بارواحنا سويًّا ولا بعد ما كان.

لكلّ هذا وذاك الخلود الذي بي وبك، نعبر الأمكنة ويعبرنا هذا المكان وحده دون كلّ جغرافيا الحدود التي غدونا خلفها بأسرٍ وقهرٍ وسجّان.

أتذكر ساعةً، يومًا، شهرًا، عامًا، عمرًا، زمنًا، دهرًا مرّ فينا وعنّا ونحن ما زلنا كما كنّا يوم كان الحبّ لنا وبنا وفينا؟!

أذري أنّك لم تنسَ لحظة ذاك الرّصيف من بعد كلّ الأرصفة التي عبرتها وما تركَتْ فيك شيئًا منها.

وأدرك أنّك ما سلوتني يومًا، ولا أدركَتْك الأيام بعناوينها التي عجزت عن بعثرة عنوانك الأوحد وأنا فيه سطرك المخلّد.

وأعلم أنّنا لا نستطيع أن ننسى بعد ذاك الدّهر الذي رسم ملامحي فيك، ونقش ملامحك فيّ حتى امتزجنا كتوأم في مخاضٍ عَسِر.

قاسٍ هو ذاك الحاضر عندما يعيدنا لبعثرة المكان، نلملم بقايانا، حكايانا من هنا وهناك،،،

تارةً تبكينا زيتونة الحكاية، وتارةً تلك الأحجار التي حفرنا يومًا عليها آخر يوميّاتنا في ليالي الأعياد.

وتارةً تلك الأزّقة التي مرّ عنها الرِّيح، ونثر ما نسيناه يوم وداعنا، وتارةً شجرة الصّبار التي وخزتنا أشواكها ونحن نركض حولها لنكتب من مساءاتنا أغنية الحياة.

كلّ شيء بكيناه، وبكى هو علينا.

كلّ الملامح غدتْ فينا، وغدونا بها خالديْن، لا زمن يمحو حروفنا الأزليّة، ولا جدار الوقت ينسينا نزف الجراح.

لا أنا أضحيتُ هنا في تلك المدن المزيّفة، ولا أنت سكنتَ حاضر الطّرقات التي تتوه بها.

كلانا موجوع بوجع المكان، كلانا معذّب مما كان، كلانا يتوه بلا تلك القناديل التي أقسمنا مع ضوئها العهد الذي ما شاء له القدر أن يكون على ميعاد.

كلانا يلتحف برد الضّياع، كلانا يبكي بخشوع الصّمت على نافذة الانتظار، كلانا ينتظر على بوابات الجسور الأخيرة علّها توصلنا لخطًى ليس بها توهان.

كلانا يموت اختناقًا من فَقْدٍ لم ينصف سنيننا، ولم يرحم أعشاشًا نسجتها طيور التقائنا في النّهارات البعيدة، ولا نحن احتملناه.

كلانا كالرّوح تدمن توأمها وإن غابت عنّا الحياة.

ذاك المكان محرابنا، عشقنا، روايتنا التي ستكون، قصائدنا المتلوّة بصوت العندليب أحيانًا، وبصدى حزن الرِّيح في أحيانٍ أبعد.

أنتَ والمكان، وأنا وعنوان ” هنا كانت الحياة” أسطورة عمر ٍ لا يغيّبها الزّمان……

الكل رحل عنك وبقيتي انت الذكرى والذاكرة…..

 

وكتب الأستاذ يونس سند على صفحته الشخصية 

 

أيقونات الجبيلة وما أدراك ما الجبيلة ..

من وليس الكل …

‏* سوق الجبيلة

‏* قهوة ادوارة

‏* مطعم زاد الخير

‏* دكان جمعة

‏* حلويات ابويوسف

‏* دكان حسن المهجع

‏* دكان حج جراد

‏* دكان شمس العايد

‏* فرن البركة

‏* مطعم وادي الذئاب

*فرن حوكان

* مطعم ريم

 

احنا من الجبيلة ولافخر احنا من الدير ولافخر احنا ولوتنحنحا …

شاهد أيضاً

“قهاوي” الدير.. لكل قهوة روّادها واختصاصها

تنتشر في “دير الزور” عدد من المقاهي الشعبية أخذت أسماء كثيرة مثل “الجرداق” و”غبيني” و”الحمام” …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *