اسماعيل حسني .. فنان فراتي بنكهة عالمية

اسماعيل حسني .. فراتي المنشأ .. عالمي الشهرة

الفنان الرائد ( اسماعيل حسني حقي ) ولد في رأس العين وعاش في حلب أوفدته بلدية حلب لدراسة الفن في إيطاليا 1952 وتخرج منها 1956 قسم الزخرفة كما درس الإخراج المسرحي فيها ، عمل مذيعا في ايطاليا 1953 كتب مجموعة قصص قصيرة نشرها عام 1938 ومثلت قصة (عابر سبيل ) سينمائيا وهو اول فيلم سوري ناطق ، كما كتب بعض المسرحيات وكتب النقد الفني بلغة جديدة علمية ، ونظرا لعلومه الفنية سمي (شيخ الفنانين ) بحلب ، صمم ديكور مسرحية (هبط الملاك في بابل ) لوليد اخلاصي ، شارك في المعارض منذ عام 1952 ، وقدم عدة معارض في حلب والجزائر وإيطاليا ، كما قام بتدريس الفن في معاهد حلب وجامعة حلب والجزائر ، وشهد رحيل صديقه في الجزائر الفنان (أسعد المدرس ) ، رحل في آخر عام 1980

وقال عنه الباحث والفنان التشكيلي “طاهر البني”:

 

يعتبر “إسماعيل حسني” بحق شيخ عشيرة الفانين كما أطلق عليه الأديب “وليد إخلاصي” فهو لم يتوان عن متابعة عطائه في مجال التدريس لمادة الفنون وتاريخ الفن وعلم الجمال مما أتاح الفرصة أمام جيل الفنانين الشباب للعيش في مناخات الفن وعوالمه الرحبة التي أشرع نوافذها شيخ عشيرة الفنانين، وهكذا فإنّ ما أسسه الفنان الرائد “منيب النقشبندي” في الثلاثينيات وتابعه الفنان “غالب سالم” في الأربعينيات والخمسينيات من اهتمام ونشاط تعليمي وتربوي في ميدان الفنون الجميلة جاء الفنان “إسماعيل حسني” ليمضي في نفس النهج من أجل تأسيس جيل الستينيات والسبعينيات ضمن سلسلة الحياة الفنية في مدينة “حلب”.

بعد ولادته في مدينة “رأس العين” في العام 1920 انتقل مع أسرته إلى “حلب” وهو في الأشهر الأولى لولادته وقد أبدى ميلاً واضحاً لفن الرسم منذ صغره حين كان تلميذاً في المرحلة الابتدائية وحين دخل المدرسة الثانوية كان أستاذه في مادة الفنون الفنان “منيب النقشبندي” الذي لمس لديه موهبة التصوير فأخذ يشجّعه ويصقل موهبته مما كان له الأثر الواضح في وضعه على دروب الفن والتعليم».

وحين اجتاز الفنان “إسماعيل حسني” المرحلة الثانوية عيّن موظفاً في مدينة “البوكمال” في العام 1940 حيث انصرف إلى الكتابة والتأليف المسرحي إلى جانب اهتمامه بفن الرسم وعندما عمل مدرساً لمادة التربية الفنية في مدينة “دير الزور” أسس أول فرقة مسرحية فيها فكان يكتب النصوص المسرحية ويصمم ديكورها ويخرجها 

 

بنفسه، وفي تلك المدينة الفراتية تعرّف على أحد الفنانين الفرنسيين الذي كان يؤدي خدمته الإلزامية خلال الانتداب الفرنسي على سورية وتعلم منه بعض الأصول الأكاديمية لفن الرسم والتصوير وسرعان ما دفعه ذلك إلى اتخاذ القرار بالسفر خارج البلاد لدراسة الفن، وفي العام 1952 أوفد “إسماعيل حسني” على نفقة بلدية “حلب” لدراسة الفنون لجميلة بأكاديمية روما.

 

في روما التقى الفنان “فتحي محمد” والفنان “أدهم إسماعيل” وقامت فيما بينهم أواصر المودة والصداقة على دروب الفن والوطنية، أنهى دراسته هناك بعد أن نال إجازة الفنون -قسم الزخرفة وتبعها بدراسة أخرى في الإخراج المسرحي من أكاديمية المسرح الحر بروما، وفي العام 1956 عاد إلى “حلب” ليلتقي بالفنانين “غالب سالم” و”وهبي الحريري” و”فتحي محمد” و”فاتح المدرس” ليساهم معهم في إغناء الحياة الفنية في “حلب” ويشارك في المعارض لجماعية التي نظمتها الدولة في كل من مدينتي “حلب” ودمشق، وفي العام 1960 تعين أول مدير لمركز الفنون التشكيلية بحلب بعد تأسيسه باسم رفيق دربه الراحل “فتحي محمد” حيث عمل في إدارته حتى العام 1965 وقد ساهم من خلال إدارته وتدريسه لمادة الفنون وتاريخ الفن في تخريج عدد من فناني “حلب” الشباب آنذاك.

وفي مطلع السبعينيات من القرن الماضي انتخب أول رئيس للمكتب الفرعي لنقابة الفنون الجميلة بحلب ودرس حينها في جامعة “حلب” مادة علم الجمال وتاريخ الفن وأصول الرسم لطلاب كلية الهندسة المعمارية وساهم في تعديل منهج الفنون وتاريخها وكان في طليعة النقاد الذين كتبوا في الصحف السورية والعربية بأسلوب علمي واضح وكانت 

 

ولعل الفنان “إسماعيل حسني” كان يدرك أنّ الفنون المحدثة في بلدنا لا تزال بحاجة إلى فترة زمنية حتى يتسنى لها التغلغل إلى أفهام الناس الذين ما زالوا يتذوقونها بشكل محدود ومن هنا كان يقصّر في إنتاج اللوحة الفنية ويصرف معظم اهتمامه نحو إيجاد مناخ فني من خلال الاهتمام بالتربية الفنية وزرع القيم الجمالية في نفوس الناشئة الذي ستكون منهم الفنانون الجدد والجمهور الفني الجديد.

 

في العام 1973 سافر إلى الجزائر للتدريس فيها وهناك تفرّغ بعض الوقت لإنتاجه الفني حيث أقام معرضاً مشتركاً مع صديقه السوري “محمد إعزازي” الذي كان في بعثة تدريسية في الجزائر أيضاً كما التقى هناك الفنان التشكيلي السوري “أسعد المدرس”، ثم عاد فناننا إلى “حلب” وبقي فيها حتى توفي في العام 1980 بعد صراع مرير مع المرض الذي أنهكه طوال ثلاث سنوات».

الفنان “إسماعيل حسني” يتحدث بنفسه عن تجربته في التصوير قائلاً: “أنا من الفنانين المقلّين في إنتاجهم ولوحتي تبدأ بفكرة مأخوذة من الواقع.. مثلاً، إنسان في الطريق تثيرني فيه سمات خاصة في الوجه واليدين والحركة.. أتناوله في اللوحة وأبني حوله أشكالاً مكمّلة تكون له بمثابة الخلفية وهذا الشكل يتم أولاً في الذهن ويعيش لفترة حتى يختمر فأنقله على الورق رسوماً أظللها أحياناً وألونها بالألوان المائية وأعود بذاكرتي إلى الفكرة الأصلية فأحذف من هنا وأزيد من هناك حتى تعبر اللوحة عن المحتوى الذي أريده”، ويستند في معالجته للوحة إلى المفهوم الواقعي للتصوير ويعتبر الواقعية تجاوزاً للطبيعية وهو لا يلتزم الواقعية بمفهومها الفوتوغرافي وإنما يبحث عن صيغة جديدة تستطيع حمل مشاعره إلى لوحته».

 

مهما يكن من أمر فإنّ الفنان “إسماعيل حسني” كان يعالج موضوعاته المستمدة من الطبيعة برؤية انطباعية تظهر نزوعه نحو استخدام الألوان بلمسات انفعالية تضفي على الأشكال إحساساً مفعماً بالعاطفة الإنسانية الصادقة التي تؤكد حضوره وخصوصيته في عدد من اللوحات التي صور فيها مشاهد من ريف “حلب” ودير الزور وجبال اللاذقية».

شاهد أيضاً

جمعة سليمان.. صياد الفرات الأعزل

      من الصعب أن تتحدث عن فن التصوير الضوئي دون أن تقف عند …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *