“گارة گرميدة” .. لعبة شعبية في الذاكرة الديرية

 

“گارة گرميدة”

تبقى لبعض الألعاب في “دير الزور” نكهتها المميزة من تسلية ومتعة وألفة رغم قدمها، وتعتبر “گارة گرميدة” من الألعاب الشعبية التي يمارسها الصبيان والبنات على السواء دون تمييز

 

يختلف عدد اللاعبين في لعبة “گارة گرميدة”، من الممكن أن تضم اللعبة ثلاثة لاعبين على أقل تقدير، وقد تصل في بعض الأحيان إلى ستة لاعبين وما فوق، وتتم طريقة اللعب في

“گارة گرميدة” عن طريق غناء بعض الكلمات

“گارة گرميدة رحلنا/

نزلنا بدار عمي شويخ اليطعم بيته لحمة وشحمة/ ديد الكركي ينقش بالمنقاش/ انشا الله يكون هي بهاي النقطة”

وهذه الأغنية هي محور اللعبة حيث يقوم اللاعبون بوضع أيديهم على الأرض ويكون باطن الكف باتجاه الأرض، ويقوم احد اللاعبين بترديد الأغنية وقرص أيدي اللاعبين بشكل خفيف مع مراعاة أن تكون كل كلمة من كلمات الأغنية قرصت يد لأحد أيديهم، وعندما تنتهي الأغنية في كلمة النقطة فاللاعب الذي تقف عنده كلمة نقطة يخرج يده من اللعبة وتبقى له يد واحدة، وبعدها يتم تكرار الأغنية لتخرج يد أخرى إلى أن تبقى يد واحدة فقط في نهاية اللعبة وتكون هي اليد المحظوظة

 

” لعبة “گارة گرميدة” ليس الصبيان فقط من يلعبها في دير الزور وإنما البنات أيضاً وقد يشترك في بعض الأحيان الصبيان والبنات معاً في لعبها، وليس لها وقت معين أو مكان خاص فقد يمارسها أولاد الحي الواحد أمام مسطبة من مساطب البيوت أو في المنزل وحتى بالمدرسة في أوقات الفراغ المهم أن يجتمع أكثر من ثلاثة لاعبين لتكون اللعبة ممتعه

لعبة گارة گرميدة من اللعب القديمة في دير الزور وأغنيتها ليست مجرد كلمات تقال للعب فقط، وإنما لها معان كثيرة لمن يدقق بكلماتها، فـ”گارة گرميدة” تعني البيت المبني من القرميد وكان في ذلك الوقت من النادر أن تلقى بيتاً مبنياً من القرميد في المدينة لذلك فهذا البيت يكون عادة لشخصية ميسورة الحال، “ورحلنا نزلنا بدار عمي شويخ” تعني أن هذا الشخص هو شخصية معروفة بكرمها في المدينة، “واللي يطعمي بيته لحمة وشحمة” أي إن بيته لا يخلو من اللحم، وأما “ديد الكركي” فيقال انه اسم لنقاش في ذلك الوقت تركي الأصل، و”إن شاء الله تكون هي بهاي النقطة” يعني أنهم يتمنون إذا نزل رحالهم أن يكون بقرب هذه الدار لينالوا نصيبهم من الكرم والجود

 

لكن في وقتنا الحاضر قلة من الأطفال الذين يمارسون هذه اللعبة، ومن النادر من تلقاه يحفظ كلمات الأغنية بشكل صحيح، وذلك بسبب ظهور الكثير من وسائل التسلية والترفيه التي تضم الألعاب على جهاز الكمبيوتر إضافة للرسوم المتحركة المتنوعة على أكثر من قناة تلفزيونية، ولكن تبقى قارة قرميدة لعبة من التراث الشعبي الممتع الذي لا ينسى

 

” إضافة للقصص والحكايات التي كانت ترويها لنا “الحبابات” (أي الجدات) في المساء، كان هناك أيضاً بعض الألعاب التي يسليننا بها، ومنها “گارة گرميدة” واذكر أننا كنا نجتمع أنا وإخوتي أمام حبابتي بشكل دائري ونضع أيدينا على السجادة وتقوم هي بترديد الأغنية وقرص أيدينا بحنان ولطف، وعندما تنتهي الأغنية وتقف عند يد من أيدينا تشير إليها لتخرج من اللعبة وليضعها صاحبها وراء ظهره، وكان المحظوظ هو من يربح في هذه اللعبة، وسيئ الحظ هو من تخرج كلتا يديه من بداية اللعبة لأنه سيبقى متفرجاً إلى أن تنتهي اللعبة، وقد لا تسمح له الفرصة بالمشاركة مرة أخرى إذا كان العدد كبيراً.

 

شاهد أيضاً

عجائب الديريات في بيت المونة

كانت “المونة” فيما مضى ركن أساسي في البيت الديري حيث يخصص غرفة كاملة للمونة تسمى …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *