علي صائب (1871 ـ 1956م)

علي صائب (1871 ـ 1956م)

من اعلام الفرات الأديب اللغوي ( علي صائب) من أعلام الفكر والأدب في منطقة وادي الفرات، أتقن عدة لغات غير العربية مما مكنه من الاطلاع على معارف الأقوام الأخرى بلغاتهم، والنهل منها بما يطور فكره ومعارفه، عمل في مجال الصحافة في “دير الزور” فكان له قصب السبق في هذا الميدان، ترك مجموعة كبيرة من المؤلفات، إنه الأديب واللغوي “علي صائب”.

ولد الأديب والعالم اللغوي والصحفي “علي صائب” في “دير الزور” من العام 1870 م، تلقى المبادئ الأساسية في العلوم في مدينة “القسطنطينية” ومنها حصل على إجازة في العلوم الشرعية، ثم درس علوم الشرعية الإسلامية وعلوم اللغة العربية على يد الشيخ “حسين الأزهري”، وقد عرف عنه رحمه الله أنه بالإضافة إلى نبوغه في اللغة العربية وعلومها فقد كان يتقن بشكل جيد عدة لغات منها اللغة الفارسية واللغة التركية، وقد رشح بفضل علمه الغزير لعضوية المجمع العلمي التركي.

وحول أهم المناصب التي تقلدها خلال مسيرة حياته فقد تسلم الأديب “علي صائب” خلال حياته المهنية العديد من الوظائف منها إدارة مكتب المتصرف التركي ثم أصبح بعد ذلك رئيساً لديوان وكتاب المحافظة، أصدر في عام 1917 م جريدة “الجول” والتي تعني الصحراء أو بمعنى أدق “البادية باللهجة المحكية الديرية” وهي مكان النزهات عند أهل المدينة في الربيع.

وكانت هذه الجريدة هي الجريدة الأولى في “دير الزور” وكانت تصدر باللغتين العربية والتركية وتولى الأديب “علي صائب” رئاسة تحريرها وكانت منبراً هاماً من منابر الثقافة والنضال في “دير الزور” في بداية القرن الماضي، ولا يزال بعض أبناء “دير الزور” يحتفظون بأعداد منها لما شكلته من قيمة أدبية وتاريخية لكونها الجريدة الأولى في مجال العمل الصحفي في المدينة.

وحول أهم الإصدارات التي أصدرها الأديب في حياته فإن المصنفات التي تركها الأديب والعالم اللغوي “علي صائب” تعد من أوائل المؤلفات التي تخص أدباء ولغويين من “دير الزور” في العصر الحديث وربما يكون من أبرز تلك المؤلفات وأولها عام 1929 م المعجم العربي الذي سمي المعجم “الصائب” واتبع كل حرف من ذاك المعجم إلى دائرة معارف، وكان هذا المعجم على اثني عشر جزءاً جعله على حروف المعجم وهو موسوعة في شتى أبواب العلوم والآداب والمعارف ومودع في مكتبة الأسد في دمشق.

كما أنه كتب مخطوطاً يتناول لهجات العرب منذ أقدم العصور بعنوان “الحروف الهجائية وتطوراتها” وله مخطوط في التاريخ كما أن له مخطوط بعنوان “مقارنة بين المسيحية والإسلام” ومخطوط هام بعنوان “معجم القبائل العربية” وآخر بعنوان “الآباء والأبناء” ومخطوطان عن حياة النبي “محمد” صلى الله عليه وسلم وآخر عن السيد “المسيح”.

وفيما يتعلق بمؤلفه “المعجم الصائب” أو ما عرف أيضاً بـ”المعجم العربي” وما حواه هذا المؤلف فقد احتوى مادة لغوية غزيرة اختارها المؤلف من كتاب التراث العربي، حيث يشير إليها بأسمائها ويذكر أرقام صفحاتها وأسماء مؤلفيها في نهاية كل نص يستشهد به.

بينما يبدأ المخطوط التاريخي الخاص بـ”صائب” بتعريف التاريخ، عدد أيام السنة عند العرب، الشهور العربية في الجاهلية والإسلام، أسماء أيام الأسبوع في الجاهلية والإسلام، أسماء ساعات النهار، أسماء ساعات الليل، البروج، مواقع البروج، طبائع البروج، درجات البروج، الكواكب السيارة، أسماء الكواكب التي رآها سيدنا “يوسف” عليه السلام ، منازل القمر، فصول السنة، تقلبات الظلال.

 

وكتب عنه أدهم الجندي في كتابه “تحفة الزمن بترتيب تراجم أعلام الأدب والفن” 

 

مولده ونشأته: هو المرحوم علي صائب بن فرحان الشيخ موسى، ولد في مدينة دير الزور سنة 1871م من أسرة تنتمي إلى عشيرة أبي رباح، وقد توزعت بين دير الزور وحماة وحمص، ومنها عشيرة التركي المخيمة في ضواحي حمص، نشأ على محبة العلم، ودرس على العلامة الأزهري الديري، ثم تقلد وظائف الدولة فكان قائم مقام لمدة طويلة في الحسكة وأبي كمال، وأحيل على التقاعد عام 1928م.

تفرغه للمطالعة والتأليف: لقد أكب على المطالعة والتأليف، فأنجز قبل وفاته كتباً عدة، منها: معجم الصائب وهو يتألف من أحد عشر جزءاً مخطوطاً، وقد حاز إعجاب المغفور له العلامة عيسى إسكندر المعلوف، و(المنهل) وهو عشرة أجزاء، يبحث في قضايا تاريخية وأدبية واجتماعية، ولا يزال مخطوطاً، وحياة (محمد) ﷺ، وحياة (المسيح) عليه السلام، والقبائل العربية، والتاريخ، و(من يتكنون بالآباء، ومن يتكنون بالأبناء)، وكان يتقن اللغتين التركية والفارسية ويكتب فيها إلى جانب اللغة العربية، وفقه الدين، وكان ذا خط جميل ومرجعاً لحل بعض القضايا الدينية والتاريخية التي قد تستعصي على بعض الباحثين.

 

وفاته: وفي يوم الإثنين الثاني من شهر تموز سنة 1956م وافاه الأجل، ودفن في دير الزور، وأنجب المحامي راغب وقد توفي قبل والده، والدكتور آصف صائب، وسعد صائب الألمعي، والمحامي ضياء صائب.).

علي صائب و صحيفة الجول

في عام 1917 ظهرت بدير الزور أول جريدة باللغتين العربية والتركية اسمها “الجول” أي البادية وكان رئيس تحريرها العالم اللغوي الأديب “علي صائب” رئيس كتاب مجلس إدارة لواء الزور الذي استطاع بحكمته وحنكته أن يستقطب المفكرين والأدباء والعلماء ليكتبوا فيها مقالات وأبحاث عن قضايا اجتماعية وفكرية وأدبية وسياسية تشكل هاجس كل فرد من أبناء المحافظة وقد استطاعت جريدة “الجول” أن تحقق الأهداف الوطنية والقومية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية المرجوة رغم كل أشكال الضغط والرقابة المستمرة عليها فكانت بحق بؤرة ثورية استطاع المناضلون من خلالها بث أفكارهم الوطنية والقومية والتقدمية فكانت أول عمل أدبي وثقافي تشهده المدينة وكانت تطبع على ورق أصفر خشن وكانت تطبع بالطريقة الحجرية القديمة “أي على طريقة أختام الكوشوك والكليشهات وتطبع في مدرسة الصناعة المجاورة للجامع الحميدي

 

 

شاهد أيضاً

الشاعر والأديب أحمد عبد الغفور الراوي.. لؤلؤة مكنونة

كثيرة هي الدرر المكنونة التي لم يتح لها أو لم تشأ أن تظهر على الساحة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *